طلبي- يوم عراقي لذكر التاريخ الحديث / لينا النهر
تزيد اشجان العراقيين عام بعد عام. وبعد سنين طويلة من حروب في كل أنواعها خارجية مباشرة وغير مباشرة، داخلية سياسية، اجتماعية، طائفية و قومية، ونزاعات لاتعد وملايين القتلى والمشردين والأيتام والأرامل والجياع. واصبح العراق يحتل المراتب الاولى في كل قوائم إنقاذ البشرية. وأصبح الكثير من العراقيين ضعيفين الإرادة وغير قادرين عن التفكير، وبالتاكيد تكثر أسباب ما وراء هذا، أولها وآخرها الحروب وما خلفته ولا هناك لوم على المواطن الذي ذاق مذاق ومازال يعاني.
ومعاناة اليوم ليست كمعاناة الامس. وليس هناك اي داعي للمقارنة بينهم، فلولا الماضي لما كان هذا حاضرنا. وهذا هو سبب طلبي.
أنا أبنة العراق، أنا أبنة هذا الحزب، أنا أبنة عوائل قدمت أغلى ما تملك للوطن والشعب والحزب ومازالت مستمرة بالعطاء جيل بعد جيل. أنا مثل غيري من الألف الأطفال الذين حملوا جرح الوطن وأحزانه على أكتافهم الصغيرة دون ملل. تيتموا، جاعوا، هربوا في العراء، قتلت اهاليهم، قتل اصدقائهم الصغار، حرق نخيلهم، هدمت بيوتهم، سجنوا. منهم من دفن حياً، ومنهم من هجروا، منهم من حرقت أحشائهم في اخر نفس لهم بطعم الأسلحة الكيمياوية، منهم من دفع ثمن إطلاقات نارية اخترقت اجسام والديه، منهم من باتت مقابر الشهداء ساحات لعب له ايام الخميس حيث تنعي النساء شهدائهم من اولاد وأخوة وجيران وأزواج. منهم من اطلق في ساحة الحرب لتفجر قدميه الصغيرة ألغام المعركة. والكثير من هذه الأمثلة الاليمة التي لا تحصى.
نحن من يحمل رسالة أهالينا وتاريخنا لتسليمها لمن بعدنا.
عراق اليوم الجريح لايذكر هذا. لايعرف عن ايام مضت كتاريخ ومازالت تعيش كما هي في داخلنا. عراق اليوم يرى ابتسامة كاذبة ويصدق كذبة ايام زمان كانت أفضل. اي زمان كان افضل؟ ولمن كان ذاك الزمان؟
المواطن العراقي اليوم همه الوحيد هو لم جراحه والبقاء على قيد الحياة يوم اخر. نسى ان ما يعيشه اليوم نتائج ماضي قاسي وتاريخ اسود يجب ان لاينساه احد.
و هذا هو طلبي- ان يكون هناك يوم واحد من ايام السنه يذكر فيه العراقيين ما حل بهم من مصائب ايام الطاغية الفاشي صدام. يوم حداد عام في عموم العراق، يذكر الناس من فقدناهم، تذكر التضحيات وشجاعة الناس. يذكر الالم و يتجدد عهد بأن لا نسمح بأعادة التاريخ الأسود. يوم لاطفال اليوم ان يفهموا سبب ما هم فيه اليوم ولأجيال قادمة تفهم تاريخها لبناء مستقبل جيد على أسس قوية.
علينا ان نعمل لمستقبل بعيد وان كان المستقبل القريب مازال صعب ومخيف. ليكون هذا اليوم يجمع العراقيين كعراقيين بغض النظر عن الاختلاف اليوم أياً كان سببه. ما يحصل اليوم ونسيان الماضي من اخطر ما يمكن ان يصيب العراق. ومثل هذه الأيام لاستذكار ما كان موجودة في كل مكان في العالم. وأكثرها شهرة هو ايام استذكار الاٍرهاب الفاشي لهتلر في الاربعينيات، ليس فقط فرح انتهاء الحروب وإنما الأيام السوداء مثل يوم الكريستال العالمي، الذي كسر فيه زجاج محلات التي كان يملكها الشيوعيين، واليهود والديمقراطيين وكل من كان لا ينتمي الى فاشية هتلر وتشريد وقتل المالكين. يوم حزين يقام كل عام في دول أوربا لاستذكار ما كان ولتجديد عهد الوقوف ضد الفاشية ولسرد قصص التاريخ للجيل الجديد كي لا يعاد التاريخ مرة اخرى.
طلبي هذا مقدم للحزب أولاً، كونه حزب الشعب العراقي وحامل تاريخه، ليكون هو أول من يبدء بالتحضير ليوم كهذا ليكون يوم عراقي في سجل الدولة لاحقاً. يوم يحي فيه الناس ذكرى شهدائهم بطريقة السرد عن تضحياتهم، وفيه محاضرات تاريخية يناقش فيها ماكان، واليوم، وغدا. يوم يرد اعتبار الناس ويعيد لهم روحهم الوطنية في استذكار تضحياتهم وبطولاتهم ضد الطاغية. يوم لائق بالعراقيين يكون اجتماعي فني وتثقيفي.
لا حاضر ومستقبل دون معرفة الماضي.