شناشيل / مَنْ منكم كهذا الليبي؟! عدنان حسين
والآن يتعيّن علينا أن نحسد ليبيا والشعب الليبي لأنه برغم الحال البائسة التي تمرّ بها هذي البلاد يمكن رؤية بقعة ضوء في نهاية النفق الليبي ، بخلاف ما نحن عليه هنا في العراق، حيث يتضاءل حجم الكوة القائمة في نهاية نفقنا الى ما يوازي حجم خرم ابرة وحسب.
في ليبيا أقدم نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ، موسى الكوني، أول من أمس على الاستقالة من منصبه، عازياً السبب الى "فشل المجلس" في تحقيق طموحات الناس وإدارة الدولة على خلفية الصراع بين الجماعات السياسية والمسلحة والفوضى السياسية في ليبيا منذ إطاحة نظام القذافي. وقال في مؤتمر صحافي في طرابلس "أعلن للشعب الليبي استقالتي لأنني فشلت ، وأعتذر من الشعب الليبي على فشلي"، وأضاف "لا تعتقدوا إننا بدون إحساس عمّا يعانيه المواطنون، ولكننا غير قادرين ، واعترف بأننا فاشلون لأننا لم نحلّ أيّ مشكلة من المشاكل".
بما احتوياه من كلام يوزن بالذهب، يبدو بيان استقالة الكوني وما كتبه لاحقاً في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر"، لنا نحن العراقيون، مثل قصيدة فخمة نظمها الجواهري أو السياب أو الرصافي، أجد من المفيد أن أقدّم هنا مقتطفات ضافية منهما لأضعها أمام كل أفراد الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، جميعاً، بعربهم وكردهم ، شيعتهم وسنتهم وسائر الهويات غير الوطنية التي يقدمون بها أنفسهم متباهين ومفتخرين.
الكوني قال أيضاً إن "العجز عن الاستجابة لانتظارات الناس تدفعني للاستقالة، ما فتئت المِحنة تعصف بالشعب، وكنت قد عاهدت الناس أن أرفع عنهم هذا الوجع، لكنني لم أفلح"، وتابع : "كافة الأجسام السياسية لم تساعد المجلس الرئاسي في توحيد مؤسسات الدولة، المجلس الرئاسي ليس على قلب رجل واحد والقرارات الصادرة دليل على ذلك"، وزاد بالقول "نحن مسؤولون ما دمنا قبلنا بهذه المهمة ونقرّ بذلك، وكل ما حصل في العام الماضي من مآس واغتصاب واجتياح وهدر للمال العام وتهريب وجرائم صغرت أم كبرت، فنحن مسؤولون عنه بالقانون والمنطق والأخلاق".
يشار الى أن السيد الكوني واحد من ثلاثة نواب لرئيس الحكومة يمثّلون الجنوب الليبي، وكان زميلاه الآخران قد جمّدا عملهما في الحكومة للسبب نفسه تقريباً، وهذه الحكومة لم يمض عليها الكثير من الوقت فقد تشكلت قبل ما يزيد قليلاً على السنة.، وهي واجهت مشكلة قدم اقرار البرلمان لها- بخلاف حكوماتنا المتعاقبة- وكذلك وجود جماعات مسلحة تستولي على مناطق من البلاد، وانقسام الجيش.
بالمقارنة مع ظروف ليبيا، توفرت في العراق على مدى الثلاث عشرة سنة الماضية الظروف والامكانيات اللازمة لصناعة قصص نجاح كبيرة وكثيرة، بيد أن المشكلة الكبرى هنا تمثّلت في عدم وجود سياسيين تولوا السلطة على شاكلة الليبي موسى الكوني.. هل هناك أحد بين أعضاء الطبقة السياسية الحاكمة في العراق مثله؟.. فليرفع يده!