الإصلاح في الرياضة العراقية الحلقة 15 / منعم جابر
التزوير والتلاعب بالأعمار عامل أساسي في تدهور الرياضة العراقية !
استعرضنا في مسلسل حلقات الإصلاح في الرياضة العراقية السابقة أهم المشاكل والمسببات لتراجع وتدهور الرياضة العراقية وما هي الخطوات الضرورية التي يتوجب على الحكومة (السلطة التنفيذية) القيام بها لإعادة الروح إلى الرياضية التي تراجعت وأصيبت بالشلل وفقدت حيويتها وانهزمت من الداخل! وقد اشرنا في حلقاتنا السابقة إلى عوامل أساسية ومباشرة أثرت وتؤثر على الواقع الرياضي وسنتحدث اليوم عن عامل مهم وأساسي أصاب الرياضة في مقتل، الا وهو التزوير بكل أنواعه والتلاعب بالأعمار والذي تحول إلى وباء كارثي شمل كل مفاصل الرياضة ومنذ سبعينات القرن الماضي وتصاعد بشكل مخيف من ابسط الحلقات إلى أعلاها وبمباركة القيادات الرياضية والبعض من مسؤولي الإعلام والصحافة لأنه ساهم في تحقيق نتائج وانتصارات وهمية صفق لها المسؤول وباركها الطارئون على الرياضة وابتهج بها المسؤول السياسي وانتفخت أوداجه. و يسرنا اليوم أن نؤشر إلى هذا المرض الخطير الذي تفشى في جميع اتحاداتنا والعابنا الرياضية حيث أصبحت ظاهرة تزوير أعمار اللاعبين شائعة و غير مقبولة ولا معقولة، الأمر الذي أنعش أوهام انتصارات وانجازات غير حقيقية أثرت وبشكل كبير على أجيال الألعاب وقتلت مواهب وكفاءات كان يمكن لها أن تشكل أكثر من نواة لمستقبل رياضي مشرق إضافة إلى سمعة غير مقبولة في المشاركات.
التزوير مرض خطير موروث يتغول اليوم
تعاقب الأجيال وتواصل النشاطات الرياضية كانت سمة الواقع الرياضي العراقي حتى مطلع سبعينات القرن الماضي وكانت نتائجنا مقبولة وفق واقع ذلك الزمان والسبب هو المنهج المقبول وفلسفة الأنظمة المتوارثة والأسس القائمة في العمل ومسؤولي النظام والحركة الرياضية مطلع السبعينات وبروز ظاهرة النظام الشمولي كل ذلك ادى إلى بداية تسييس العمل الرياضي حيث بدأت عملية الإقصاء والتهميش والإبعاد وفرض التبعيث الإجباري على الشباب والرياضيين والربط السلطوي بين قيادة وزارة الشباب وقيادة الاولمبية وصدور القوانين والأنظمة والرغبة القوية لربط الانجازات الرياضية بطبيعة النظام الشمولي (ونجاحاته) في الساحة السياسية والقومية وغيرها من الحكايات! هنا تواجد الانتهازيون والمتملقون وبدأوا يقدمون النصائح والإرشادات التي يمكن لها لو أخذ بها ان تحقق الانجازات والتألق في الساحة الرياضية فكانت وصفة التزوير والتلاعب في الأعمار وفعلاً حققت هذه (الوصفة) بعض النجاحات الا أنها دمرت الرياضة وعبثت بها وبمستقبلها .
كيف للتلاعب بالأعمار ان يخرب الرياضة ؟
قد يتساءل البعض عن اثر التزوير والتلاعب بالأعمار ان يؤثر على الرياضة بهذا الحجم وتلك القوة؟ الجواب: ان فرق الأعمار في المراحل السنية المبكرة تؤثر تأثيرا بالغاً لأنه تحت أعمار الـــ18 سنة تكون السنوات مؤثرة لكن الوصول الى حدود العشرين سنة وحصول النضوج الكامل ونمو العظام كل ذلك يلغي الفوارق فالفريق الذي يضم بعض اللاعبين مما تتجاوز أعمارهم السن القانوني نجدهم يكتسحون منافسيهم وبسهولة فما بالك إذا كانت الفوارق لسنتين او ثلاثة. وهذا ما حصل في الساحة العراقية ويحصل اليوم وبسبب هذه السياسة نجد أن المواهب من الرياضيين الأكبر عمرا سوف يحققون نتائج تسر المسؤول الحكومي وتجعله يصفق ويكرم والإعلام يطبل! والكل يكذب ويصدق كذبته! وبهذه السياسة تدمر المواهب وتخرج من الميدان لان الأكبر عمراً اخذ حقه و جاء حق الأصغر وهكذا وتحولت هذه السياسة إلى منهج وصار من يتحدث عن التزوير والتلاعب بالأعمار لا وطنيا او خائنا، لان الوطن حسب اعتقادهم هو من يسكت (ويطمطم) ويغطي الأخطار والعيوب .
التلاعب بالأعمار والتزوير يولد عيوبا جديدة
وبسبب هذه السياسة واعتماد هذا المنهج تولدت عيوب وأخطاء جديدة لان السياسة السابقة تركت آثاراً انية ايجابية وهي الفوز والانتصار فظهرت قضية المنشطات التي بدأ البعض من الرياضيين باستعمالها والترويج لها وبالتالي تعرض الكثير من هؤلاء الى عقوبات وغرامات مالية ولا احد يتكلم بسبب سياسة (شيلني واشيلك) ! وتغطية العيوب المتبادلة ورافق تلك السياسة تلاعب بأعمار الحكام والحصول على الشارات الدولية ! مما شجع الكثير جدا من الإدارات الرياضية على التلاعب في وثائقهم الدارسة وتقديم شهادات غير حقيقية او تعديل القوانين بما يضمن ترشيح البعض من غير الكفوئين. وبالتالي ابتعاد الكفاءات والإمكانيات المهنية والإدارية وهذا ما تسبب في تراجع وانهيار العمل الرياضي بسبب تسلط عديمي الكفاءة والقدرة .
الإصلاح الرياضي يبدأ من هنا !
بعد الاطلاع على ما يحصل وحصل في هذا المجال وكيف ينتعش الفاسدون في ظل هذه الأجواء غير الطبيعية وانتشار التلاعب والتزوير والمنشطات والشهادات والوثائق غير الصحيحة ! كل هذا ونريد للرياضة ان تنصلح؟ أظن أن بناء التجربة الديمقراطية لابد لها من أسس واضحة ومنهج صحيح أما ان تبقى أسس ومنهج الأمس هو الباقي والسائد فهذا أمر خطير فالواجب يتطلب اولاً محاربة هذه الظواهر بالقانون وتجريم من يتعامل بها والبدء بالحساب من هرم السلطة الرياضية اي اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية حتى تمارس دورها وضغطها على الاتحادات الرياضية في بغداد والمحافظات ومحاسبة الإدارات المقصرة ومساءلة المدربين العاملين مع فرق ورياضيي الفئات العمرية . وستحقق هذه السياسة ومسيرتها بعض الخسارات والفشل في المرحلة الأولى بسبب مقاومتها من قبل أنصارها ولكن آثارها ستكون كبيرة ومستقبلية على الرياضة العراقية.