شناشيل / منع التدخين .. على الورق فقط! / عدنان حسين
زميلنا رسام الكاريكاتير الكبير المبدع، خضير الحميري، نشر أمس في "الصباح"، وعلى صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كاريكاتيراً جاء كالعادة مفعماً بالمضمون النابت.
شرطي مرور يقف على رصيف الشارع في حال الحيرة، وأمامه تمرّ مجموعة من السيارات جميع ركابها يدخنون، لكنّ الحميري جعلهم يمدّون أيديهم حاملة السجائر المشتعلة من النوافذ إلى خارج السيارات، فيما كتب في الزاوية اليمنى العليا للرسم الجملة التالية: منع التدخين "داخل" المركبات!!
مناسبة الكاريكاتير أن مديرية المرور العامة أعلنت الأسبوع الماضي عن منع التدخين داخل المركبات ذات السعة 7 ركاب فأكثر، وأن المخالف سيعاقب بغرامة مالية. المنع يشمل أيضاً الترويج لمنتجات التبغ في جوانب المركبات. هذا الإعلان يستند إلى قانون مكافحة التدخين رقم 19 لسنة 2012، الذي منع التدخين ليس فقط في سيارات النقل العمومي وإنما أيضاً داخل مباني الهيئات الرئاسية والوزارات والدوائر والمؤسسات التعليمية والتربوية والصحية والمطارات والشركات والمصانع في المحافظات كافة، إضافة إلى المسارح ودور العرض والفنادق والنوادي والمطاعم وقاعات الاجتماعات ووسائط النقل العام والخاص الجماعية البرية والبحرية والجوية في الرحلات الداخلية والخارجية، فضلاً عن محطات الوقود كافة.
عملياً القانون غير محترم، وغير مُطبّق إلا في المطارات وعلى متون الطائرات. حتى في المستشفيات تجد مَنْ يدخّنون بشراهة في الأروقة من دون رادع. الفكرة التي جسّدها الزميل الحميري في كاريكاتيره تعبّر عن افتقاد الثقة بتطبيق قوانين من هذا النوع لغياب القاعدة الأساس للتطبيق: القوة.
من غير المنطقي أن نتوقع تقيّد سائقي سيارات النقل العمومي وركابها باعلان مديرية المرور العامة وبقانون منع التدخين فيما لا يوجد مَنْ يلتزم بنظام المرور. نظام المرور بالذات هو النظام الأساس لإظهار هيبة الدولة وتكريسها واحترامها، ونظام المرور لدينا غائب تماماً تقريباً، فلا إشارات مرور تعمل بنظام يعاقب مخالفوها في الحال أو لاحقاً، ولا معابر خاصة بالمشاة . أكثر من هذا إن استعمال التلفون المحمول اثناء القيادة غير ممنوع لدينا، فيما هو من أسباب الكثير من حوادث المرور القاتلة.
في أعقاب التفجير الإرهابي المروّع في منطقة الكرادة ببغداد العام الماضي، أصدر القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، تعليمات مشدّدة بينها منع أفراد الطواقم الأمنية العاملة في نقاط التفتيش من استعمال تلفوناتهم المحمولة أثناء العمل، بيد أن أحداً لم يلتزم، كما هو ملاحظ منذ ذلك الوقت حتى الآن.
تحدّي القوانين والأنظمة وانتهاكها من دون ردع يقودان إلى تحدّي المزيد من القوانين والأنظمة وانتهاكها، وعليه فإن عدم إصدار قرارات أو قوانين لا ينفّذها أحد أفضل من إصدارها ليؤول مصيرها إلى التحدّي والانتهاك على نحو سافر. وهذا ما يحصل الآن مع قانون منع التدخين على النحو الذي عبّر عنه كاريكاتير خضير الحميري.