بين شبيهين / عزيز العراقي
لفت الانتباه في اليومين الاخيرين تصريح او بيان لنائبة عن دولة القانون لم نسمع باسمها سابقا , تقول فيه : " ان تحالف الحكومة العراقية يجب ان يكون رباعي , مع روسيا وايران وسوريا وليس مع امريكا التي كونت , ومكنت داعش من احتلال ثلث الاراضي العراقية ". جاء هذا بالتزامن مع زيارة العبادي لاميركا وصدور البيان المشترك مع الرئيس الامريكي ترامب , والتأكيد فيه على دعم الامريكان للعراق , الآن وبعد انتهاء الحرب على داعش , وتفعيل الاتفاقية العراقية الامريكية . ويبدو ان " دولة القانون " لم تعد تمتلك المصداقية في تصريحات وبيانات اقطابها , لكونهم استنفذوا حدود الممكن من الكذب والضحك على الذقون , فاخذت تستنجد باسماء غير معروفة للجمهور كورقة احتياط في الوقت الضائع .
الجميع يعرف ان الحكومة الامريكية هي لست بدافع الدفاع عن حقوق العراقيين , التي سلبت من قبل ابنائه الذين جاءت بهم اميركا وليس غيرها , وسلمتهم قيادة العملية السياسية , قبل ان تسلب هذه الحقوق من العربان والجيران والقاعدة وداعش . الامريكان لن ينقذوا العراقيين ما لم ينقذ العراقيين انفسهم , الا ان تفعيل الاتفاقية الامريكية العراقية , الآن , وبعد داعش , ستأخذ ابعادا مهمة , سواء كانت امنية ام اقتصادية او ثقافية . وجميعها تحتاج الى شبكة رعاية واسعة , سوف لن يفرط ( الشريك ) الامريكي بضمان ابسط مقومات نجاحها , وذلك بالحد من ارتكاز كل العملية السياسية العراقية على السرقة والفساد والطائفية . ( الشريك ) الامريكي حريص على ان تسرق شركاته ومؤسساته خيرات العراق بدل هؤلاء اللصوص , خاصة وانهم من دون اية حماية . على الاقل سيوفر اللصوص الامريكان فرص عمل , وتدوير عجلة الاقتصاد . القبول بالحماية الامريكية ليست اسوء من القبول باجتياحهم للعراق الذي فرض علينا والذي خلصنا من نظام صدام . وهو ايضا افضل الحلول السيئة , ونحن وصلنا لقاع التحرك في الحلول السيئة فقط , ومنذ فترة ليست بالقصيرة . فلا شعب يستطيع ان يبني احزابه ومؤسساته السياسية التي تستطيع ان تنتزع السلطة من هذه الطبقة السياسية التي باتت تسيطر على كل شئ , ولا نمتلك دورة اقتصادية تنشط العمل والموارد الاقتصادية غير الريعية التي تنهض بباقي القيم الانسانية , وتعيد للشعب ابسط مقومات النسيج الوطني والروح الجماعية . يوما بعد يوم اصبحنا مشردين داخل وطننا , ننتظر ما تجود به الحكومة , وحالنا حال معسكرات اللجوء , لا بل اسوء , ومن ينظر حالنا وحال معسكرات استقبال اهلنا الموصليين , ووزاراتنا المعنية تستجدي المعونات لهم من المجتمع الدولي سيصاب بالخرس . فلا فائدة ترجى من بلد يعد من بين عشرة بلدان هي الاغنى في العالم .
مثلما اصبحت عندنا القناعة قبل 2010 , بان كل ما يصدر عن حارث الضاري هو معادي للعراق , بعد ان صفر باتجاه الاستحواذ على السلطة , واستخدام كل الطرق الى ذلك . اصبحنا بعد 2010 نعتقد ان كل ما يصدر عن نوري المالكي الذي استقتل منذ ذلك الوقت ل( الفوز ) بولاية ثالثة هو ضد العراق سواءا بتجبره في سنوات حكمه الاخيرة وبناء سياسته ( مشكلة خلف مشكلة ) الى ان انتهت ولايته والعراق مكبل بداعش , وافلاس الخزينة , والبطالة , وتعطيل الدورة الاقتصادية , وتعويق اعادة بناء مؤسسات الدولة , وفقدان بوصلة وحدة القرار الحكومي , وباقي حلقات السلسلة التي بتنا نخجل من تكرارها . وبعد مجئ العبادي الجميع يعرف تآمر المالكي على حركة الاصلاح التي كانت مطلبا شعبيا وتبناها العبادي , لكنه اغرق كتلة النواب المساندة للاصلاح بافسد النواب الذين كانوا معه في دولة القانون . والحشد الشعبي الذي جاء على طلب المرجعية , تمكن من مد اخطبوط المليشيات المرتبطة به الى المفاصل المهمة في مسعى لجييره اليه . وليس غريبا ان يستخدم احدى النائبات وليس احد صقوره للهجوم على اتفاق العبادي والرئيس الامريكي . وهو يدرك جيدا ان اي تحسن في الوضع العراقي ان حصل , سيكون العد التنازلي لمحاسبته .