كلنا مستهدفون في زمن اﻹرهاب وغياب القانون / د. علي الخالدي

 لقد شخصت الوقائع الملموسة ، أن القوى الوطنية ، والمكونات العرقية ، يشتركا في حمل الهم العراقي ،  فاﻷول يتخذ الطابع السياسي للحراك من أجل تحقيق العدالة اﻹجتماعية في دولة مدنية ديمقراطية ، بينما الثاني يلعب دورا رياديا في نشر ثقافة المحبة والتسامح في المجتمع المدني الديمقراطي ، وجراء ذلك تعرضا للقمع واﻹضطهاد والتهميش ، وعانا ، وﻻ زاﻻ يُعانيان  من إضطهاد القوى الظلامية بأساليب تمس مواصلة حياتهم الطبيعة  وبصورة خاصة ما مارسته المليشيات المنفلتة، بعد إسقاط الصنم ، حيث تصاعد اﻹرهاب وغاب القانون، فنظمت حملات إستيلاء على ممتلكاتهم وتعكرت أساليب حياتهم اليومية ، فعلى صعيد الحكم الذي أنفردت به اﻷحزاب اﻹسلامية والقومية المتحاصصة ، جرى بشكل متعمد أضعاف مشاركتهم في الحكم وإدارة البلد، بعدم إشغالهم في مواقع إدارية وسياسية ذات قرار إلا ما ندر، على الرغم  ما تضم صفوفهم  كفاءات علمية ودراية وطنية ،

أما هجرة المكونات العرقية لبقية اﻷوطان الشرق أوسطية ، فبدأت، منذ سبعينيات القرن الماضي عند إرتفاع سعر برميل النفط في كثير من الدول اﻹسلامية ، وخاصة السعودية وقطر وايران وليبيا ، حيث بدأت تتسابق في إنشاء مراكز للدعوة اﻹسلامية كل حسب مذهبه ، وبتقديم مساعدات عينية لنشر تعاليم مذاهبهم اﻹسلامية في جميع أنحاء العالم ، على حساب إفقار شعوبهم ، التي ﻻ تزال بحاجة للمدارس والمستشفيات وإلى كل ما يخص التقدم والتحضر ، وليس لمراكز دينية  تنشر ثقافة التمييزوالتعالي في البلدان الفقيرة إقتصاديا، بينما أمتلأت سجون بلدانهم بكل منﻻ يطاوع الحكام ، ومذهبهم ، من حملة هموم الوطن ، ومع إزدياد التضييق على مصادرأرزاق معتنقي الديانة غير اﻹسلامية، في أجواء صمت المرجعيات اﻹسلامية ، أزاء  ما يُنشره من ثقافة تمييز وبغض وكراهية في مجتمعاتهم ، أضطر الآﻻف من تلك المكونات الهجرة واﻹغتراب عنها، فمثلا في العراق كان المسيحيون يشكلوا أكثر من مليون أغلبهم من الكلدان . دفع اﻹرهاب بالكثيرين منهم الى الهجرة ، حتى أصبح عدد المسيحيين حاليا 350 الف مسيحي ( جريدة نيويورك تايمز) . أما في سوريا فقد كان  حضورهم  يضم ما ﻻ يقل عن 10%  من السكان ، تقلصت نسبتهم بشكل كبير بعد إندﻻع الحرب اﻷهلية فيها  ،   

  أما في اﻷردن كانوا يشكلوا 5% من السكان  حاليا وصلت نسبتهم إلى 3% لهم  ثلاثة نواب في البرلمان ، أما حَمَلة هم وطنهم فكان مصيرهم السجن والمطاردة .

 في لبنان  بداية القرن العشرين كان المسيحيون  يشكلوا نسبة 87% تقلصت حاليا الى 14% . وفي  مهد وﻻدة السيد المسيح  كان أغلبية السكان مسيحيين ، ففي القدس وحدها تقلص عددهم من 50000 الى 5000 ، وتنازلت أعدادهم في فلسطين وإسرائيل عن ما ﻻ يزييد عن واحد بالمائة (قناة نور سات) . أما في مصر قبل إجتياح الجيش اﻹسلامي لها ، كانوا يشكلوا أغلبية السكان، حاليا  يشكلوا 12% ، أغلبهم من اﻹقباط ، ويواجه  حملة هم مصر من يساريين وعلمانيين التمييز والمطاردة والسجن . فبعد إنتخاب محمد مرسي زعيم اﻹخوان في عام 2011 تفاقم إضطهاد المسيحيين والعلمانيين في عموم مصر، ففرما يزيد عن 200 الف مسيحي ، من الصعيد وسيناء بعد تعرضهم لهجوم منظم من قبل منظمات اﻹخوان المسلمين ، تاركين ممتلكاتهم وأعمالهم ، ولجأوا ﻷماكن آمنة ، وﻻيكاد حاليا يمر يوم دون سماع عن عملية إرهابية تستهدفهم وكنائسهم . في اسوان وأرياف مصر يجري  إختطاف البنات المسيحيات، وأسلمتهم بعد إغتصابهن ، مما نشر الهلع بين الكثير من العوائل المسيحية . ولو لم تكن إصول لغة حاملي هم شعوبهم ، وممارساتهم اليومية منبثقة من روح وطنية عالية لجفوا،  خاصة بعد حملة البغض والكراهية، التي ﻻ زالت تنهض بنشرها المراكزاﻹسلامية  وخطب الدواعش بعد إحتلالهم لمدن العراق وسوريا وما صاحب ذلك من تهجير قسري ، أما في بقية البلدان ، ينشط ﻷخوان المسلمين ومنظماتهم ، بشن حملة شعواء بغطاء ديني ، تجاه حاملي هم شعوبهم   رافعين بذلك منسوب الكراهية بين أوساط الناس البسطاء . فإذا لم يردع  نشاط الميليشيات المنفلتة ويحصر السلاح بيد الدولة  في العراق وسوريا ، فان الهجرة تتحول إلى واقع حال . ومما زاد الطين بلة ، أن ما كان يقدم للمهجرين ، من مساعدات مادية وبصورة خاصة من الدول الغربية ، تصرف لجهات ليست في حاجة اليها ، والغرب على علم بذلك ، لكنه لم يحرك ساكنا  .

 فاﻹرهاب لن  توقفه الإدانة واﻷستنكار اللفظي , وإنما الخطوات العملية والقوانين الرادعه ﻹيقاف بث ثقافة الكراهية والبغضاء في المدارس والمراكزالدينية ، تجاه حملة هم أوطانهم من وطنيين ومكونات عرقية ، مع إجماع إفتائي من المراجع الدينية اﻹسلامية , بتحريم ذلك ، وكل ما من شأنه يربط الدين بالسياسة ، لكون هكذا أمورتصعد من الهجرة ،  وعدم العودة للأوطان المحتاجة اليهم وطنيا ومهنيا