توزيع الأراضي وبناؤها في بغداد/ ماجد زيدان
في الأيام القليلة الماضية, صدر قرارات بشأن تنشيط قطاع السكن وحلحلة ازمته, الأول عن امانة بغداد بالإنتهاء من فرز اكثر من سبعة الاف قطعة ارض سكنية مخصصة للمواطنين قبل عام 2003 ولم يتم فرزها الى الان. وهي من اصل 23 الف قطعة ارض يمكن ان تسهم بشكل ملموس في حل ازمة السكن واعادة الحق لأصحابه, لا سيما انه حاول البعض سحبها والاستيلاء عليها بذريعة انها مخصصة للمواطنين زمن النظام الصدامي البائد.
والقرار الثاني صدر عن مجلس الوزراء ينص على استئناف توزيع الأراضي السكنية على المواطنين بعد توقف طويل اثر سلباً على حركة الإعمار وفاقم من أزمة السكن.
المهم ان كلا القرارين بعيدان حقاً, ويسهمان بشكل مباشر في التخفيف من حدة مشكلة السكن والتي تقدر الحاجة الى اكثر من مليوني وحدة سكنية.
يأتي هذا في وقت تعثرت بعض المشاريع الإسكانية او يتباطأ العمل فيها, فعلى سبيل المثال في بغداد لم يتم توزيع اية وحدات سكنية في مشروع بسماية بعد الوجبة الاولى.. وكذلك في مجمع الزهور في بغداد الجديدة الذي توقف العمل فيه ايضاً.. ناهيك عن المرافق المكملة لمشروع بسماية التي قلصت من الاقبال على وحداته السكنية برغم التسهيلات التي ابدتها المصارف لرهن هذه العقارات ودفع نسبة كبيرة من ثمن الوحدة السكنية, بسبب من الأزمة الأقتصادية وتحميل المشاريع كلفاً اضافية باهظة الى جانب عدم اكتمال او بالأحرى المباشرة الجادة في الطرق الرابطة مع المركز وبقية الخدمات الضرورية لمثل هذه الأحياء.
ان اطلاق توزيع الاراضي واستكمال تمليكها وفرزها لوحده غير كافٍ للمباشرة في البناء ما لم تستكمل البنية التحتية لهذه الأحياء الجديدة من مياه وكهرباء ومجاري وطرق مبلطة وغير ذلك مما هو ضروري للعيش والحاجة للمرافق الأخرى.
اذا ما بقى الحال مجرد توزيع ارض, فإن الأمر لا يعدو ان يكون وسيلة لإثراء سماسرة العقارات الذين سيشترونها بأسعار رمزية من اصحابها ليضاربوا فيها, وبالتالي ابقاء الأزمة على ما هي عليه بالنسبة لذوي الدخول المحدودة غير القادرين على السكن في احياء ليست مكتملة الخدمات ولا هم بإمكاناتهم المادية يستطيعون شراء وحدات سكنية, لأن ثمن الأرض الموزعة سيكون هزيلاً.
هذه هي التجربة في السنوات السابقة, وفي ظروف اقتصادية افضل من الان, وواقع معاشي يساعد على الحركة, لذلك الحل الأفضل لخدمة المواطن وتقليص ازمة السكن والتأثير على سوق العقار واعادة الاسعار الى وضعها الطبيعي ونزع بعض الحمل عن الدولة ومسؤولياتها في توفير السكن, هو ان تقوم الدولة ببناء المساكن في هذه الاراضي, دور واطئة الكلفة وقابلة للإضافة لمن يريد ويرغب في تحسينها وبأنواع واشكال مختلفة وتسلم الى المواطنين جاهزة للسكن ومتوفرة فيها البنية التحتية كي نضمن الانتقال اليها ونحقق الفوائد المرجوة من انشاء هذه الأحياء السكنية.
كما ان البناء العمودي اصبح ضرورة للسرعة وقلة الكلفة وتحقيق خدمات افضل واسهل, لا سيما ان لدينا شركات حكومية للبناء تعاني من البطالة الساخرة والمقنعة وبعضها لديها مشكلة في تمويل رواتب منتسبيها, يمكن ان تشرف على هذا البناء او تمارسه منفردة او مع القطاع الخاص.
ان توجهاً واضحاً وجدياً ازاء معالجة ازمة السكن بشكل جماعي وليس على الصعيد الفردي سيمكن الدولة من الانتهاء منها بآجال قياسية ويتنعم المواطن بسكن لائق فيه المتطلبات اللازمة ويتيح فرصاً افضل لتحريك سوق العقار الراكد ويعطي الهدف الحكومي مداه وتعزز العلاقة مع المواطنين.