إهتمام روسي بمقال كاتب عراقي / د. زينب الجلبي          

نشر الكاتب جودت هوشيار قبل حوالي اسبوعين مقالاً قيماً تحت عنوان " مفارقات المشهد الأدبي الراهن في روسيا "  أثار اهتمام الصحافة الروسية .

 تحدث الكاتب في مقاله عن عمق تأثير الأدب الروسي الكلاسيكي في الأدب العالمي ، وشغف الروس بقراءة الأدب الرفيع ، وعن الآداب الروسية الثلاثة  التي كانت موجودة في الحقبة السوفيتية – الأدب الروسي الرسمي ، والأدب المحظور ، والأدب الروسي في المهجر . وكانت كل منها قائمة على نحو مستقل ، قبل أن تلتحم في فترة " البريسترويكا " أي " إعادة البناء " لتشكل معاً الأدب الروسي المعاصر . ولكن ليس الحديث عن الأدب الروسي في العهدين القيصري والروسي هو الذي جذب إنتباه الصحافة الروسية ، بل قدرة الكاتب على التحليل العميق  لواقع الأدب الروسي اليوم ، حيث تحول الكتاب الأدبي الجماهيري الى سلعة رائجة  في السوق بصرف النظر عن قيمته الفكرية والفنية .

وقد أشار هوشيار في مقاله الى  إن غالبية ما ينشر اليوم في روسيا من الأعمال الأدبية هي روايات خفيفة يغلب عليها طابع التسلية والترفيه ، وفي مقدمتها الروايات والقصص البوليسية والأيروتيكية ، والخيال العلمي الفج ، وبعضها مكتوبة بلغة روسية ركيكة ،  وكتّاب هذا اللون السردي – رغم  عدم امتلاكهم ناصية اللغة الأدبية الروسية – هم أبرز النجوم في الساحة الأدبية بفضل البروباغاندا الهائلة التي تقوم بها دور النشر والإشهار الروسية الكبرى ،  التي تتحكم أيضا في اغلب الجوائز الأدبية الرسمية وغير الرسمية ، ومنها النسخة الروسية من " جائزة  البوكر " . ومما زاد الطين بلة أن عدداً كبيراً من ( النقاد) يعملون في خدمة هذه الدور وينشرون مقالات تشيد بتلك الروايات ، رغم أنها ترمى الى سلة المهملات بعد الفراغ من قراءتها ، ويطويها النسيان الى الأبد .

ويؤكد هوشيار ، أن مهمة الناقد الأساسية هي غربلة الأصدارات الجديدة من الأعمال الأدبية ، واختيار الناضجة منها ، التي تستحق القراءة فعلاً في هذا البحر المتلاطم من الأدب الهابط .وتحليل مضامينها واسلوبها والكشف عن جوانبها الأيجابية والسلبية ، أي تقييمها تقييماً موضوعيا بعيداً عن المجاملة والميل الى الهوى .

كما يتطرق الكاتب الى محاولات خنق أصوات الأدباء المجيدين عن طريق رفض  نشر اعمالهم ومحاربتهم من قبل دور النشر والأشهار الروسية .

كما أن التلفزة الروسية – وهي اليوم بكل قنواتها مملوكة للدول ، بعد الهيمنة على القنوات الخاصة أو الغاء رخصها - تلعب دوراً مكملاً لما تقوم به دور النشر ولا تفسح المجال للكتاب الأحرار الموهوبين بالظهور على شاشاتها العديدة .

هذا هو خلاصة مقال الكاتب جودت هوشيار الذي أثار ضجة في الأوساط الأدبية الروسية بعد أن قامت صحيفة روسية كبرى تدعى إختصاراً " اينو سمي "  أي " وسائل الأعلام الأجنبية " (1)  بترجمة المقال ونشره على صفحاتها . كما قامت عدة صحف ومواقع  الكترونية روسية أخرى بنشر المقال، منها موقع " روسيا الآن " (2)  وقد أثار المقال تعليقات كثيرة من قبل القراء الروس الذين رحب معظمهم بما ورد في المقال من آراء في حين أثار المقال حفيظة نقاد يعملون لحساب دور النشر والإشهار الروسية ، التي تحتكر سوق النشر والأعلان والترويج والتسويق .

والغريب في الأمر أن الكاتب الشهير " فلاديمير سوروكين "  نشر نص المقطع الذي ورد في المقال عن اعماله الروائية في موقعه الرسمي (3) باللغتين العربية والروسية .

ان اهتمام الصحافة الروسية بما ينشر من اعمال أدبية ومقالات نقدية  باللغة العربية ضعيف . لذا فأن ترجمة مقال الكاتب جودت هوشيار ، ونشره ، ومناقشته على نطاق واسع دليل على أن النص الجيد يجذب الأنظار بصرف النظر عن اللغة التي كتبت بها.

روابط بعض الصحف والمواقع الألكترونية التي نشرت مقال الكاتب جودت هوشيار

" مفارقات المشهد الأدبي الراهن في روسيا "

 

(1)   https://inosmi.ru/culture/20170801/239941608.html

 (2)  http://russia-now.com/ar/249048 /

(3) http://ru-sorokin.livejournal.com/

 

د. زينب الجلبي - موسكو