حتى كتلة الأحرار مع الفساد! / عدنان حسين                                

كاد الفساد أن ينتصر أمس انتصاراً مبيناً مرة أخرى بفعل فاعلين، لكنّ هؤلاء الفاعلين أضطروا إلى تمديد معركتهم من أجل مفوضية انتخابات جديدة تحاصصية أيضاً، وتأجيل موعد إعلانهم النصر شهراً واحداً.

أمس ذهب مجلس النواب الى خيار التمديد (غير المعلن) لمفوضية الانتخابات غير المستقلة بعدما فشل في تمرير تشكيلة مجلسها الجديد الذي يُراد له أن يكون في صورة المجلس القديم شكلاً ومضموناً، مع بعض الرتوش على الشكل. والفشل في التمرير جاء بسبب انسحاب نواب تيار الحكمة الوطني والتيار المدني ومستقلون من جلسة أمس.

أما الفاعلون الذين كاد الفساد في هذه البلاد بفضلهم أن يسجّل لنفسه انتصاراً مبيناً جديداَ فيقف على رأسهم رئيس مجلس النواب الذي كان واضحاً انه، وكذلك ائتلاف متحدون، مستقتل على تمرير التشكيلة المحاصصاتية الجديدة ورفض فكرة العهد بالمفوضية الى القضاة. وبالتوافق والتنسيق مع رئيس البرلمان ومتحدون كان نواب حزب الدعوة الاسلامية، بشقيه، وبدر من أشدّ المتحمسين للتشكيلة الجديدة، إضافة الى القسم الأعظم من نواب التحالف الكردستاني، وبخاصة نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذين يصرّون إصراراً عجيباً على الوقوف الى جانب فاسدينا على رغم خلافهم الشديد معهم بشأن قضية الاستفتاء.

أما رابعة الكتل في قضية السعي لتمرير الصيغة الجديدة الفاسدة لمفوضية الانتخابات فهي كتلة الأحرار الصدرية. السيد مقتدى الصدر لا يترك مناسبة إلا ليؤكد فيها أنه لا يقبل بأقل من الإصلاح الذي يعني "شلع قلع" الفاسدين جميعاً من كل دين ومذهب وقومية، وأن الإصلاح لن يكون من دون تشريع قانون جديد للانتخابات وتشكيل مفوضية جديدة بعيداً عن المحاصصة، لكنّ الجاري على الأرض غير المبثوث عبر كلام الخطب والتصريحات، فكتلة الأحرار تقف بصلابة وثبات إلى جانب الساعين نحو التشكيلة المُقدّمة الى البرلمان، وهي تشكيلة اختارتها الأحزاب المتنفذة، بما فيها كتلة الاحرار نفسها، من عناصرها والموالين لها لتضمن أن يشرف هؤلاء على عملية تزوير إرادة الشعب في انتخابات العام المقبل لصالح مرشحي هذه الأحزاب، كما كان يحصل في الدورات الانتخابية السابقة.

ليس عجيباً ولا غريباً موقف رئيس مجلس النواب ولا موقف حزبي الدعوة ومنظمة بدر ولا موقف الحزبين الكرديين.. العجيب والغريب هو موقف كتلة الأحرار التي يقول زعماؤها وقادتها شيئاً وتفعل هي في الغرف المغلقة شيئاً آخر.

لا تحتاج كتلة الأحرار إلى ممارسة هذه التكتيكات المراوغة والمضلّلة .. يمكنها أن تتحلى بالشجاعة لأن تعلن عن موقفها بالقبول بالفساد ودعم الفاسدين، مثلما يفعل رئيس مجلس النواب وحزبا الدعوة ومتحدون والحزبان الكرديان، فيكفونا شرّ حسابهم في خانة محاربي الفساد والفاسدين!