محاولات البحث والتعقب (11) / فرهاد رسول وترجمها ماهر هندي

كما تحثت في الحلقة العاشرة، بعد غيابهم، ووصول رسالة من المقرات، بدأنا بالبحث عنهم، انتشرت اشاعات كثيرة ، منها تقول( انهم ذهبوا عند بهاء الدين نوري، او انتشار اشاعة انهم محتجزين لدى اوك، والبعض نشر اخبارا بان بعض من هؤلاء الرفاق شوهدوا فرادى وازواج.. الخ) اضطررنا ان نذهب الى كل هذه الاماكن،في البداية والدي مع كاك يحيى، ذهبوا الى بخمه الى مكان العبور بالكلك، وتيقنوا من صاحب الكلك بانهم لم يعبروا من هناك، لان ذلك هو الطريق الوحيد للذهاب الى بارزان.

بعد عودتهم، مرة ثانية ذهب كاك يحيى مع شخص اخر الى مناطق اوك في سورداش، وتيقنوا من قيادتهم بانهم ليس لهم اي علاقة بقضيتهم، واشاروا بانهم محتجزين لدى الحكومة.

بدأننا بالتفكير بالذهاب عند (الرفيق بهاءالدين) لكن اغلب رفاق الكادر مع (العم عبدالله رابي) قالوا ان هذا هو شخص محنك (وحيّال) ولن نحصل منه على شئ، انا قلت ( حسنا، انا سأذهب اليه وبالحيلة سأخذ منه الجواب الصحيح، اذا قال انهم ليسوا عندي، سأقول له انا استطيع ان اقتل (المذكور) لكن  خروجي من اربيل صعبا، ماذا تقول، وما هو رأيك) اذا كان (الرفيق بهاءالدين ) خلف هذا العمل، وقام المذكور له بكل هذا العمل، وفي اربيل، كل هؤلاء البيشمركة والقادة العسكريين اوصلهم اليه، هذا يعني ان (المذكور) شخص مهم جدا لديه وجوابه سيكون لا، لا تفعل ذلك، او انه سيقول ان هذا ليس بالعمل الجيد او اي شئ من هذا القبيل. واذا قال ان هذا عمل جيد وافعله، هذا يعني انه ليس خلف هذه المسألة، الرفاق وبعض المعارف والاقارب كانوا مع هذا الرأي، قررنا ان نذهب اليه باسرع وقت، لكن مشكلتي كانت انه ليس لدي هوية، لانني كما اسلفت، كنت متخلفا عن الخدمة العسكرية، لحل ذلك ايضا ذهبت الى احد معارفنا، الذي كان من مسلحي النظام في الافواج الخفيفة، في فوج (جميل اغا كورى) وطلبت منه اذا يستطيع ان يزودني باجازة ولو لمدة اسبوع واحد فقط سأكون ممتنا له، طلب مني صورة وبعد يومين، صرف لي اجازة رسمية، باسم غير اسمي لكن صورتي كانت عليها، فاصبحت الهوية مضمونة، فقررنا ان نذهب غدا في الصباح الباكر انا مع كاك يحيى ووجهتنا صوب الرفيق بهاءالدين.

الذهاب الى قرداغ

بالرغم من انه كان موضع خوف بالنسبة لي  وقتها الذهاب الى قرداغ بهذه الهوية، من جهة الحكومة ومن جهة اوك ايضا، لان الهوية كانت مزورة اولا، ولان حملة اجازة الافواج الخفيفة، كان يجري التعامل معهم بشدة قد تصل الى القتل من قبل اوك ،لكن لعظم هذه المهمة قمت بهذه المجازفة.

اعتقد كان شهر (1\1985 ) عندما خرجنا من اربيل الى السليمانية، هناك استفسرنا عن سيارة تذهب الى قرداغ قيل لنا لايوجد، يوجد فقط سيارات خصوصي تذهب الى هناك، اضطررنا لاستئجار سيارة خصوصي ب (سبعة دنانير) والتي كانت في ذلك الوقت مبلغا كبيرا، لكوننا لا نعرف المنطقة، فقد احتالوا علينا، علمنا بعدها ان اجرة قرداغ هي نصف هذا المبلغ، لان الطريق كان قريبا بشكل بحيث ان السائق كان يسير ببطء شديد كي لانقول له ان هذا الطريق قريب ولا يستحق هذا المبلغ. على كل حال وصلنا الى قرداغ، حاولنا كثيرا للحصول على سيارة من هناك للذهاب الى تكية  لكننا لم نوفق، اضطررنا ان نقطع الطريق سيرا على الاقدام، على طريق السيارات، (الذي كان ابعد كثيرا من طريق المسير) استغرقنا وقتا يزيد على اربع ساعات مررنا فيه بالقرى (أستيل، و جه مى سمول  السفلى، وجه مى سمول العليا)، وصلنا الى قرية تكية قرداغ بعد غروب الشمس بساعة، حيث مقر الرفيق بهاءالدين هناك، حيث انه كان في ذلك الوقت قد انفصل عن الحزب واعلن عن نفسه( كحزب شيوعي عراقي - القاعدة) ومنشوراته التي كانت لسان حالهم يصدرها ايضا كانت باسم القاعدة في قرية تكية عند الرفيق بهاءالدين ورفاقه، والذين كانوا بعض الاخوة العرب رحبوا بنا ترحيبا جيدا، وتناولنا الطعام عندهم وشربنا الشاي، وبدأنا بالحديث وفي البداية نحن تحدثنا عن وضعنا لهم وقلنا ( يقال ان هؤلاء الرفاق هم عندكم) فقال( كيف ممكن ان يكون شئ كهذا، كيف صدقتم بذلك، كل هؤلاء الرفاق الذين هم كوادر متقدمة وقادة عسكريين لقاطع اربيل، يأتون الى هنا، كيف سنخفيهم؟ هذه الدعايات فقط كي يوهموكم، ومصدر هذه الاشاعات هو دائرة الامن والمخابرات، يجب ان لا يكون لديكم اي شك في ان هؤلاء الرفاق محتجزين عند النظام.. عندها قلت، (حسنا ماذا نفعل؟ ما رأيك فيما اذا قمت بقتل هذا الشخص الذي قام بهذا العمل؟ وكيف استطيع الخروج من اربيل؟) قال ( اذا تستطيع، لا تتردد، وعجل بذلك، ان تجعله يفطس ككلب، واذا اردت ان ترتبط بعمك (يقصد بتنظيمه)، هذا تستطيع ان تفعله عن طريق جماعة اوك، وبشخص (شيخ جعفر) الذي هو ابن خالتي، وتحدث له باسمي، سيوصلك الى هنا، واذا اردت ان تذهب عند هؤلاء(يقصد الحزب الشيوعي) هذا عائد لك، المهم انك اذا قمت بهذا العمل ، يجب ان تخرج باسرع وقت من اربيل. بهذا الجواب تيقنت ان ليس له اي علاقة بهذا الموضوع. تحدثنا عن امور اكثر، اغلب الاحاديث كانت عن اخطاء ونواقص قيادة الاقليم (حشع) خصوصا شخص كان هناك باسم (امين) يبدو عليه انه كان مليئا بالغضب ضد قيادة الاقليم وشخص (ابو اسوس) وكذلك تحدث بالتفصيل عن معركة بشت ئاشان واسبابها ونواقص رفاق القاطع وقيادة الاقليم، وجرت تخظئة قيادة الاقليم والقاطع باشتراكهم في الاقتتال الداخلي، وكانوا يؤكدون ان هذا القتال لم يكن لنا وكان يجب علينا ان نكون محايدين، لان الاقتتال كان لاحتكار المنطقة بين اوك والبارتي وليس اي شئ اخر ...الخ

في اليوم التالي اخذنا معنا بعض منشوراتهم كما ذكرت ان جريدتهم كانت تصدر باسم القاعدة، ورجعنا سيرا الى قرداغ وبعدها الى السيليمانية ثم الى اربيل، ما حصلنا عليه في سفرتنا تلك كان فقط اننا تأكدنا ان ذهاب الرفاق الى بهاءالدين نوري ليس لها اي اساس، وكل هذه الاشياء ابلغناها الى رفاق الكادر في المدينة، العجيب كان بعد كل هذا كبار السن وخصوصا (العم عولا رابي) لم يكن يصدق ان الرفاق ليسوا عند الرفيق بهاءالدين نوري!!! لذلك ذهب مرة ثانية مع احد الاقارب الى الرفيق بهاءالدين!!!

اشاعة اخرى

في هذه الفترة ونحن منهمكون بالبحث عدة اشاعات اخرى انتشرت، ومرتين اخريين وصلت رسائل من الرفاق باعتقادي انها كانت بخطهم، مرة وصلت الرسائل بيد (مام منصور بستانه) الذي كان شيوعيا قديما وصديق للحزب اتت اغلب رسائل الرفاق وخاصة رسائل بريار وداؤد من ضمنها، والتي لا اعرف كيف وصلت هذه الرسائل من الامن الى يد (العم منصور) وهو اتى بها الينا لكنه لم يقل كيف وصلت هذه الرسائل بيده، ونحن ايضا لم ندقق معه كثيرا.

اشاعة اخرى انتشرت تقول (ان سربازوعباس )شوهدا في منطقة شمامك، وهذه الاشاعة انتشرت عند شخص اسمه (مناف ايلنجاغي وكان شيوعي سابقا) ، حققت بدقة بهذه الحكاية، والتقيت بمناف ايلنجاغي في بيتهم وسألته بدقة ، اجوبته كانت مشتتة وشعرت انه يتهرب من اسئلتي (قد اكو مخطئأ في ذلك)، وصلت الى قناعة ان هذه الاشاعة لا اساس لها من الصحة، وليس بعيدا ان تكون من صنع دائرة الامن والمخابرات، مرة اخرى جرى الحديث ان الرفيق عباس (يقال انه شوهد في بيته) وهذه الدعاية نشرت من قبل زوجة المذكور، وبالرغم من اننا لم نصدق بذلك، لكنني ذهبت مع احد الاقارب الى بيت المذكور، بحجة المتابعة والبحث ، هناك ارادت زوجة المذكور ان توهمنا وان تخلق لنا مشكلة مع الاخرين، كي لا تبقي ثقة بيننا، فصرخت بطريقة غاضبة وبصوت عالي وقالت (لماذا انتم تمسكون بتلابيبنا، لم لا تذهبون الى بيت عباس وتطالبوه بمصير ابنائكم) وكأنها تقول لنا بطريقة غير مباشرة ان كل هذا العمل قد قام به (عباس)، وبدأت بالصراخ والسفاهة ومزقت ملابسها امامنا، وبدأت بالضرب على وجهها، اقاربي الذي كان معي خاف الى حد ما من هذا المنظر، وهذا الصراخ والسفاهة التي ابدتهما زوجة المذكور، لكنني وبصوت عالي صرخت بوجهها وببعض الشتائم القبيحة رددت عليها وقلت(ها انك تريدين بهذه التمثيلية ان تقنعيني ايتها ال.....) وسحبت  عليها مسدسي رأسا وقلت لها بغضب اصمتي، واستمعي لي جيدا، والا فانني ساقتلك مع اطفالك، هذا الكلام لا تقوليه لي، انت والمذكور تكذبون، اذا لا ارى الجماعة  بعيني بعد يوم او يومين اخرين سأقتلكم جميعا)، هذه المرأة شعرت باني كنت اعني ما اقول، واذا استمرت بتمثيليتها فليس بعيدا ان انفذ تهديدي الان، عندها بدأت بصوت هادئ بسباب زوجها، وقالت امهلني فقط يوم او يومين، وما تريده مني سأفعله لك، قلت لها حسنا، ستكون المهلة يومين، وبعدها سافعل ما اراه مناسبا بحقكم، ولك الاختيار، قالت ممتنة لك وكأنها قد سلّمت ويبدو انها اخذت تهديدي على محمل الجد.

 لقاء رفاق الكادر

في المساء التقيت برفاق الكادر (كوجر، ارام، وبيشرو) في بيت كاك يحيى ، وقد استحسنوا مافعلته وخصوصا (بيشرو) قال لي سلمت يدك، قدمت مقترحا لهم (اذا لم يفعلوا شيئا في المهلة التي حددتها لهم افضّل ان نقوم بتغييب الزوجة والاولاد، ونقول ان مصير الرفاق مرتبط بمصير اولادك) فقط الرفيق بيشرو، استحسن هذا المقترح وقال( منذ الان سأحاول ان اهيئ طريق ومكان لهذا العمل كبيت فارغ و سيارة والسلاح اللازم) اما الرفاق الاخرين، لم يدعموه، انا والرفيق بيشرو اتفقنا على فكرتي وقررنا ان ننتظر الى يومين اخرين، ودعمنا كاك يحيى ايضا، من الجدير بالذكر، في اغلب اعمالنا وارائنا كان كاك يحيى داعما لنا لكن رفاق الكادر وخصوصا الرفاق كوجر وارام كان لهم  تأثير كبيرعليه بشكل بحيث اذا كنا بعيدين عنه يستطيعون ان يغيروا رأيه، وهو كان ينفذ كل مايطلبوه منه، وهم لم يكونوا يفكروا باللجوء الى العنف بل كانوا يميلون اكثر الى الانتظار، وفي اغلب محاولاتنا وتغيير اراءنا كان كبار السن وخصوصا(مام يابه ومام عولا رابي) يجدون لنا عقبة، مثل رفاق الكادر، كانوا يفكرون بطريقة بحيث مهما كنا نفعل (مام عولا دائما يقول لنا انتم ماذا تعرفون، انكم لم تروا دنيا بعد) حتى مرة (قال مام يابه بصراحة حتى اذا تيقنت من ان ابني قد قضى، فاني لست مستعد، ان اضحي بابني هذا (فاضل) الذي هو طالب في كلية الطب) ووالدي ايضا كان يفكر بنفس الطريقة.