الوجوه البريئة / فرهــاد رســول.. ترجمــــة :مــاهــر هنــــدي             

مهداة الى وجه صديقي البرئ والنقي الشهيد دكتور عادل

بالرغم من ان وصف او ترجمة العنوان لكلمة (برئ) الى نقي ليست في محلها لكنني اشعر بانها تعطي معناها الكامل بقراءة الموضوع بالكامل  عندها سيتضح المعنى. اتينا مع دكتور فاخر الى بست الشرغة والتقينا بالرفاق واوصلنا رسائل وتوصيات لهم، يبدو انه كان مطلوبا القيام ببعض العمليات لتجعل الجماهير وفي نفس الوقت العدو ايضا ليعلم ان البشمركة لازالوا موجودين في المنطقة، وان ذلك مهم للطرفين، للجماهير كقوة ودعم معنوي وللعدو على العكس من ذلك. يبدو انه عند مسؤولي المفرزة المشتركة كان قد اتخذ قرار بالقيام بعمليات .في مساء (8 او 9 \5\1988) انطلقنا للاقتراب  منمدينة اربيل الى ان وصلنا الى الخندق ( حيث ان المدينة كانت قد احيطت بخندق عرضه ثلاثة امتار وعمقه ثلاثة امتار) ترجلنا من سياراتنا عند محلة (كلاويز حاليا) وتركنا بعض الرفاق بالقرب من السيارات، وصلنا الى الخندق، هناك ايضا تركنا بعض الرفاق لتأمينه، اما نحن فعبرنا نحو العمق الى داخل المدينة، باتجاه محلة (خاتوناوه) والتي كانت انذاك قد بٌدأ  بانشاء بعض البيوت فيها حديثا، وهناك ايضا لحماية طريق عودتنا، تركنا بعض الرفاق، ونحن دخلنا الى احياء (باداوه ، وشورتاوه) بالرغم من ان محلة باداوه فيها الكثير من جحوش ومسلحي النظام، ثم اتينا الى محلة (حي المعلمين- ماموستيان) بجانب جامع (خديجة الكبرى) الحالي، دخلنا الى حي المعلمين، من ذلك الزقاق الذي دخلنا منه الى الحي كانت هناك قطعة ارض خالية لم تبنَ بعد،  الرفيق هزار هناك كنقطة اساسية بقى مع بعض الرفاق، والمتبقين وكان يبلغ عددنا (6-7) اشخاص توجهنا الى شارع الاربعين متر انحرفنا نحو اليمين باتجاه سوق اللنكه الحالي وصلنا تقاطع الثلاث شوارع الذي يؤدي الى بيوت الامناء العامين، هناك نصبنا سيطرة باشراف رفيقي (دكتور عادل) ، الذي اتذكره الان،كنا (الرفاق بيستون- كوسرت- كاروخ-(واعتقد) كاوه جاوشين ورفيق او رفيقين اخرين) بدأنا بايقاف السيارات، لكننا لم نتصرف كبيشمركه بل كمفرزة لازلام السلطة،لان مقصدنا الاساسي كان الحصول على سيارة كي ندخل الى عمق المدينة اكثر لنلحق ضربة قوية بالعدو هناك، اوقفنا عدة سيارات واخذنا هويات عسى ان يقع بايدينا رجالات النظام كي نستخدم سياراتهم للقيام بمهمتنا، انا كنت في وسط الشارع اتطلع على الاغلب على هويات الركاب، وصلت العديد من السيارات، كان ركابها اناس عاديين، كنا نتركهم يذهبون في طريقهم، ومن كان يسألنا قائلا من انتم؟ كان مقررا ان نقول (نحن جماعة كاك فلان الذي كان مسؤول مفرزة امن وكان سيئا جدا مع الناس، وكان دائما يقوم بنصب سيطرات داخل المدينة ويلقي القبض على الناس).

وصلت سيارة (تويويتا 2 طن تعمل على الديزل)، عندما اوقفتها عرفت سائقها، لكنه لم يعرفني، وكي لا يشك طلبت منه هويته، وبينما كان يقوم باخراج هويته سألني قائلا :انتم جماعة من؟ انا تظاهرت بانني انظر لهويته قلت له اننا جماعة كاك فلان، فقال، اين هو كاك فلان؟ قلت له هو لم يأت، لماذا تسأل هل تعرفه؟ قال نعم فنحن اقارب. كم كنت اود ان اشكره كثيرا، لانه في وقتها بسيارته هذه مع اخيه والذي كان يملك سيارة مثل هذه السيارة قد انقذوا بيتنا في الليل حيث كان وقتا مخيفا جدا انذاك، لكن بسبب مهمتنا، لم استطع ان افعل ذلك الى ان حان الوقت بعد الانتفاضة، عندما التقينا شكرته وتحدثت له عن هذه الليلة. عدة سيارات اخر اتت بنفس الطريقة تركناهم يذهبون، احد سائقي السيارات سأل نفس السؤال، لكنه قال (انتم من اي جهة)، لم يقل ( انتم جماعة من)!! بدا لي سؤاله غريبا، لكنني تجاهلت سؤاله وتشاغلت بتدقيق هويته(وقلت له كاك فلان واشرت بيدي الى الرفيق دكتور عادل على انه هو كاك فلان الذي اقصده وهو يقف بعيدا عنا قليلا)، تطلع السائق الى دكتور عادل وبيستون ثم نظر لي وكأنه سرح بخياله قليلا ، ورأسا مد يده الى هويته التي كانت لاتزال في يدي وقال ( جيبها بابا جيبها، انت مع من تتكلم، واشار بيده الى وجوهنا، وقال بثقة عالية (هذه الوجوه البريئة وجماعة كاك فلان؟؟!! انتم بيشمركة!!! ) على من تضحكون؟؟؟؟ تعجبت كثيرا لما قاله ، لا بل قل لقد صدمت، اوليت انتباهي لوجوه الى وجوه الرفاق ، الى ابتسامة دكتور عادل الدائمة وملامحه وقامته وشدة جمدانيه الاربيلية، والى وجه بيستون المدور الابيض المحمر، ان ماقاله هذا الشخص صحيح حقا، ان النقاء والبراءة كانت واضحتان عليهما، وانهم فعلا بعيدين عن اعمال وافعال الخونة والمأجورين، من امثال كاك فلان الذي كنا ندعي اننا من جماعته، نظرت الى السائق، اوشكت ان اقول له، والله انت على حق، لكنني امسكت نفسي، واعطيته هويته بيده، وودعته.. عندما غادر، ذهبت الى رفيق دكتور عادل ، وقلت له من الافضل ان نغادر المكان، لان حدث ماحدث وانكشفت حيلتنا، ولا نستطيع ان نخفي انفسنا عن الناس، ملامحنا توحي بحقيقتنا وليس اقوالنا، حدثته عن ماحدث، وكان قد تأخر الوقت، عدنا الى حيث الرفاق ، حيث كانوا قد سيطروا على سيارة للقيام بعملية وسط المدينة ، الرفيقان كوسرت وكاروخ ورفيق اخر ذهبوا لضرب بعض الاهداف ، لكن لم يستطيعوا ان يقوموا باي عمل منها، فاضطروا ان يطلقوا قذيفة ار بي جي على هدف عشوائي وفي طريق العودة اطلق عليهم النار من قبل شخص له علاقة بالنظام، فاصيب الرفيقان كوسرت وكاروخ، الرفيق كوسرت كان شابا شجاعا وجرئ جدا ، قاد السيارة وهو جريح الى ان وصل الى حيث كنا ، فارسلناهم الى الخلف وذهب الرفيق دكتور عادل معهم ومن هناك الرفيق هيوا من قره جوغ الذي كان عند نهاية البيوت والذي كانت مهمة حماية طريق عودتنا على عاتقه، رأسا جلب حمارا من احد هذه البيوت ليضع عليه الجريحين ويوصلهم الى حيث كنا قد اوقفنا السيارات... نحن ايضا حاولنا ان نوقع ضربة بهذا الشخص الذي قام بهذا الفعل بالرفاق، عندما اقتربنا منه وجدناه بين النساء والاطفال والبيوت، فقمنا باطلاق نار في الهواء واطلقنا بعض قذائف الار بي جي باتجاهه لاخافته وايضا لكي نسمع صوتنا ولنثبت وجودنا داخل المدينة، حيث ان العملية بالاساس كانت لاثبات وجود البيشمركه في المدينة.. ثم بدأنا بالعودة الى ان وصلنا الى السيارات كان الرفيق دكتور عادل قد قام بالاسعاف الاولي للجرحى بشكل جيد، ثم بدأنا بالعودة فوصلنا الى قرية (جاله كَرده له)، هناك بدأ الرفيق عادل بعلاج الجروح حيث كان الجريحان مصابان في ارجلهما وفخذيهما، جرح كوسرت كان اكبر، لكن الاثنان بشكل عام كان وضعهما جيدا، الاصابات لم تكن في مواقع خطرة، بقينا هناك حتى الصباح.....