محاولات بحث وتعقب ايضا (12)/ فرهاد رسول ، ترجمة ماهر هندي

كما تحد ثت في الحلقة (11) بعد اختفاء الرفاق استمرينا في محاولات تعقب اثارهم والبحث عنهم، للحصول على اي معلومة مهما كانت صغيرة، بشكل انه في بعض المرات  كان يقال كلام بالرغم من عدم قناعتنا به، كنا نتتبعه ونتعقب اثاره، الى وصل بنا الحال ان نستعمل الشدة والعنف وتخويف النساء والاطفال.

في هذه الاثناء شعرنا لعدة مرات بان مفارز الامن تأتي حول بيوتنا في احدى المرات كنا (عبد الله، ويحيا وانا) واقفين امام باب بيت عبدالله واذا بسيارتين مليئتين (بالقوات الخاصة) تقترب منا ، خفت كثيرا، رأسا وضعت يدي على مسدسي واردت ان القي بنفسي في بيت عبدالله، ومن هناك احاول ان انجو بنفسي سواء كان باطلاق نار او باي طريقة اخرى، لكن عبدالله، امسك بيدي، وقال لي ماذا ستفعل؟ لن تنجو، ليس من الضروري ان يكونوا قد اتوا من اجلنا.عندما وصلت السيارتان عندنا، كانت لا زالت فكرة الهرب واطلاق النار تدور في رأسي، لكنهم القوا علينا السلام بشكل طبيعي، وذهبوا. قال عبدالله، (اوشكت ان تقضي علينا جميعا)، لكن بعد اطلاق سراح كاك يحيى من السجن، روى لنا ماقاله (رائد شاكر) حيث قال (انا كنت في السيارة وشاهدتكم، وشاهدت كيف ارتبك فرهاد، وكان على وشك الفرار،سامسكه في يوم من الايام، وساسحق راسه هل يعتقد انه سيفلت من يدي؟) 

اختفاء عبدالله

تعرضنا لمرات عديدة لاشياء كهذه، وروقبنا بدقة ، لكننا لم ننقطع عن متابعتنا وتعقبنا للرفاق، بل استمرينا بهما، في هذه الفترة وللمرة الثانية تصلنا رسائلهم بيد (مام منصور) والتي تطرقت اليها في الحلقة السابقة، نحن بالرغم من كل المخاطر وتحذيرات ، كل الاقارب والاصدقاء وحتى كوادر المدينة، لمخاطر الوضع ولكننا وخاصة( انا وعبدالله ويحيى)  لم نكن نترك البحث، الى ان اتت(جميلة)  في ليلة متأخرة، الى بيتنا وقالت ان عبدالله لم يأت الى البيت لحد الان!!! في تلك الليلة لم نستطع ان نفعل شيئا، لكن في الصباح حاولنا ان نعرف مكانه، لم نحصل على شئ، باختصار، كل محاولاتنا باءت بالفشل ولم نستطع الحصول على اي خبر، انحصر شكنا في انه ممكن ان يكون قد اعتقل، وصلنا خبر من شخص من المحلة انه ليلة البارحة عند عودته الى بيته، في الطريق وبالقرب من بيتهم، وقع في كمين للامن ويبدو انه اختطف، وقد شاهده عن بعد.

كما تحدثت سابقا في المرة الاخيرة خصوصا بعد اختفاء عبدالله  بشدة كبيرة اعطيت زوجة المذكور مهلة يومين، واذا خلال هذين اليومين لم احصل على جواب حاسم، مصيرهم سيكون سيئا. بعد المهلة ذهبنا مع كاك يحيى وسيدنامق الى بيتهم، لكن هناك لوحدي دخلت الى البيت، حيث كانت كيزو زوجة المذكور هناك مع ابنتها في البيت.بدون مقدمات سألت مباشرة (ماذا فعلتم؟؟) قالت (هيا ادخل الى البيت لايجوز الحديث في فناء المنزل لندخل الى الغرفة ولترتاح قليلا، وبدأت بالتحدث بطريقة ناعمة لم اسمعها من هذه المرأة  سابقا ابدا، كأنها تحاول ان تغريني بانوثتها خصوصا وانا كنت وقتها شابا في مقتبل العمر، والذين بعمري ببساطة يقعون تحت تأثير حركات النساء، دخلت الى الغرفة شعرت بلهجتها الانثوية وحركاتها بازدياد، كأمرأة صاحبة خبرة في هذه الاعمال، حتى انها ابتسمت لي عدة مرات، ادركت مبتغاها وحركاتها  وحديثها بسرعة، لكنني بدل ان الين فقد غضبت اكثر، وصرخت بها، فارتعبت هي وابنتها، واخذت ابنتها بالبكاء، وقلت (ايتها ال....، ايتها البدون....وعدة مسبات اخرى رميتها بها، وسحبت مسدسي وقلت لها ساقتلكما انتما الاثنتان بهذا المسدس)، ابتدأت بالبكاء ومرة اخرى مزقت ثوبها بطريقة بحيث ان جسمها بالكامل بان لي، وبدأت بسب زوجها وقالت فيه كلمات وضيعة جدا، وبدأت بالتوسل لي قائلة (ليكن لك قليلا من الصبر ، لتسمع ما لدي من حديث لك ، الا تريد ان تذهب عند اخيك وتراه بعينيك؟؟ لقد اوصلت كلامك الى ممو وقلت له اذا لا تأخذ فرهاد عند اخيه فليس ببعيد انه سيقتلنا، وقد قال حسنا، ايا منهما كان اذا اراد يحيى ام فرهاد ساخذهم عند الجماعة، لكن مادام فرهاد قد تشوش كثيرا على غياب اخيه، ليأتي غدا بعد الظهر الى هنا يعني الى بيتهم لكن مع بعض الشروط1. يجب ان لا يعلم احدا بانه قادم الى هنا واننا سنذهب من هنا.2. لا يجلب معه مسدسا. 3. لا اعلم كم الساعة التي سأصحبه بها، لينتظر حتى قدومي، يعني ليس هناك وقتا محددا من بعد الظهر حتى قدومه هو) قلت لها ( ماذا؟؟ لماذا لا يقول سأخذه الى دائرة الامن!! ما هذا؟ ما هذه الشروط لماذا لايعلم احد ولا اجلب معي مسدسا؟؟) قالت المرأة( لاوالله ثق فانه سيأخذك عند الجماعة، الا تريد ذلك؟؟) مرة ثانية صرخت وقلت (قولي لزوجك ال.... انني لست غبيا الى هذا الحد هكذا بسهولة اقع بيده، لن نتواجه الا ومسدساتنا في صدر بعضنا، واعلمي ماذا ساجلب عليكم) رأسا خرجت وعدنا مع كاك يحيى وسيد نامق الى بيت يحيى في بيوت النسيج، حيث كان رفاق الكادر هناك، لم يكونوا راضين بما قمت به، وقالوا( كان افضل لو لم تفعل ذلك وذهبت معه) قلت لهم ( كل كلامهم يوحي بان نيتهم سيئة كيف اذهب معهم؟) ثم بعد مناقشة طويلة اقترحوا ( ان يذهب يحيى بدلا عني مادام كان قد قال ليأتي احدهما ليس هناك من فرق، اذهبوا انتم بسيارة كاك (حمزة مام عولا) خلفهم لنعرف اين هم ذاهبون) لم يعجبني ذلك لكنني مضطر للقبول واخبرنا كاك همزة ومام يابه في نفس الليلة بالقرار ان يكون الذهاب غدا بعد الظهر ( سيد نامق ومام يابه، وانا نكون في سيارة همزة التي كانت لادا تاكسي لنوصل يحيى الى بيت المذكور، ونراقبه في بداية الزقاق لنعرف الى اين سيذهب)، من الجدير بالذكرانا وسيد نامق كنا مسلحين، هو كان يحمل كلاشنكوفا، لانه كان من مسلحي الحكومة، وانا كنت احمل مسدسي 14 اطلاقة.

ذهاب كاك يحيى

في اليوم التالي بعد الظهر اجتمعنا كلنا في بيت كاك يحيى الرفاق (كوجر وارام) كانا هناك ايضا، في الغرفة العليا، حتى انني ذهبت اليهم يبدو انهم لم يعجبهم ان نراهم جميعنا ، فكلفوني كقرار ان افعلوا ذلك ولا تفعلوا اي شئ اخر، بعدها انطلقنا الى بيت المذكور الذي يقع في محلة سيداوه، في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، في الطريق خطرت لي فكرة وقلت للجماعة(من الافضل ان لا ننتظر، لكن ان يكون لنا وقت محدد بالشكل التالي ( عند ذهاب كاك يحيى الى المكان واذا لم يكن المذكور هناك ،يرجع  مباشرة ولا يجلس او ينتظره، واما اذا كان المذكور هناك يكون فرصة جيدة لنا، مكوثه هناك من 10-15 دقيقة هذا يعني ان المذكور موجود، سنذهب انا وسيد نامق وسنجلبه بالقوة معنا، واذا لم يسلم نفسه لنا ، سنفعل مايقتضيه الموقف حتى لو اضطررنا لقتله، (مام يابه قال انا لم اتي الى هنا لهذا العمل، و هذا لم يكن رأي الرفاق، اذا كانت هذه هي نيتكم، فأنا لن اذهب معكم)اضطررت ان اسكت انزلنا يحيى، وانتظرنا في نهاية الزقاق نراقب الوضع، بقينا على هذا الحال حتى المساء، عند المساء اتت سيارة كراون تاكسي عرفتهم رأسا، كان ابن اخت كيزو توقفت السيارة امام باب بيتهم وبعد عدة دقائق الجميع بمافيهم يحيى وكيزو واولادها خرجوا واستقلوا السيارة واتجهوا صوب شارع ستين، ونحن ايضا تبعناهم، على شارع ستين اقتربنا منهم كثيرا بشكل بحيث وكأنه كيزو شكت بنا ونظرت الينا بتركيز شديد، رأسا انا اخفيت وجهي خلف كفي وقلت لكاك همزة ان يشعل الضوء العالي كي لا يتمكنوا من رؤيتنا، بعدها اتجهوا الى نيوستي الحالية، ومن ثم الى شارع كويسنجق، باتجاه تقاطع شقلاوة ، ومن هناك قلت لهم انهم ذاهبين الى بيت رشو اخو المذكور، بالضبط اتجهت السيارة الى شارع السورجيين حاليا وتوقفت امام بيت رشو، ترجلوا من السيارة والسيارة غادرت. اما نحن فقد بقينا في نهاية الزقاق لمراقبة الوضع، مضى وقت طويل ونحن هناك ولم يخرج يحيى فقلت (من الافضل ان ننفذ فكرتي) سيد نامق رحب بالفكرة، لكن (مام يابه وكاك همزة) رفضوها، اضطررنا للانتظار الى ساعة متأخرة من الليل ولم يأت، اضطررنا لتركه وعدنا الى بيت يحيى وكان الرفاق بيشرو وارام هناك، وماموستا كوجر كان قد ذهب، تحدثنا لهم عن ماحدث معنا، ثم وبدون الاخذ بنظر الاعتبار خطورة الوضع وبدون التفكر في عدم استبعاد ان يكون يحيى محتجزا، ومن المحتمل ان يهاجمونا نحن ايضا، بقيت معهم في نفس البيت، لكن مام يابه ، همزة، وسيد نامق ذهبوا الى بيوتهم.

عودة كاك يحيى

في الصباح الباكر ونحن نغط في نومنا عاد كاك يحيى وجلب معه خبز حار، بقدومه افقنا من نومنا وتناولنا افطارنا واثناء ذلك قص علينا انه بحدود الساعة (الحادية عشر والنصف ليلا) اتى عنده المذكور وبعد احاديث طويلة عن كل الاشياء وعن انفجار غضبنا و....الخ، اتفقوا على انه في الساعة السابعة من بعد يوم غد على شارع ستين بمكان نيوستي حاليا، ان ينتظر كاك يحيى هناك ، وسيأتي المذكور ليأخذه الى المكان المقصود اي عند الجماعة،(كما كان موضوعا لي ان افعله ولكني لم اذهب) وبنفس الشروط!!!

كان رأيي ايضا ( سأعطي مسدسسي الى يحيى وانا استطيع ان استعير كلاشنكوفا من احد المعارف الذي هو امر سرية من الافواج الخفيفة واذهب مع يحيى، واختبئ خلف حائط  بئر ماء موجود هناك وانتظر لحين قدومهم وعند وقوفهم قبالة يحيى ، هو عليه فقط ان ينحي بجسده جانبا ويحاول حماية نفسه بالمسدس، وانا سارميهم بالكلاشنكوف، وبعد ذلك في وسط البيوت التي كانت شققا في ذلك الوقت بسهولة نستطيع ان ننجو بانفسنا لان هذه المنطقة كنت اعرفها جيدا منذ ايام الطفولة)، الرفيق بيشرو ارتاح كثير لهذه الفكرة وقال( حسن جدا، انا ايضا سأجلب ببندقيتي وساتي معكم سنقوم بالعمل سوية، وسأوفر سيارة ايضا  للنجاة) فرحت كثيرا، اتفقت معهم ان اذهب ليلا الى بيت (يوسف داربسر) وطلبت منهم ايضا ان يأتوا الى هناك لانه قريب من المكان، عندها تركتهم وعدت الى بيتنا ، بقيت في البيت حتى المساء وعند حلول الظلام ذهبت الى بيت امر السرية الذي ذكرته سابقا، وطلبت منه سلاحا، ببساطة اعطاني كلاشنكوفا وطاقما عسكريا كاملا ، بعد قليل اتيت الى بيت كاك (يوسف) بالرغم من انه لم يكن موجودا في البيت حينها، لكنني بقيت هناك الى الساعة 12 ليلا، الرفاق لم يأتوا، شككت بانهم قد افشلوا فكرتي، اضطررت ان اذهب بتلك الليلة ان اعيد السلاح الى الشخص الذي استعرته منه.

العودة الى البيت

في الصباح للمتابعة، ذهبت الى بيت يحيى، قالت اخته انه في الصباح الباكر اتى (همزة،مام عولا، ومام يابه) وذهب يحيى  معهم، بعدها علمت انه في المساء رفاق الكادر وكبار السن، رفضوا فكرتي وقرروا ان يذهب (يحيى الى مكان الموعد ويذهب معهم والاخرين يتابعونهم بسيارة همزة ليعرفوا الى اين يذهبون) ، فبهذه الطريقة يذهبون الى مكان الموعد وتاتي سيارة (سوبر تاكسي خط بغداد رقمها 3400  اربيل) لتأخذ كاك يحيى وينزل منها شخص ويسأل كاك يحيى بالعربية ( انت يحيى؟)  وليمسك بكاك يحيى من ذراعه مباشرة ويسحبه الى داخل السيارة ويوجهون كلاشنكوفاتهم نحوه ويأخذوه، اما الاخرون فيتابعونهم بسيارتهم، لكن عند  تقاطع شقلاوة يفقدون اثرهم، بعد يوم او يومين(مام عولا ومام يابه) اتوا الى بيتنا،(مام عولا) قال السيارة ذهبت بطريق شقلاوة ، لكن همزة ابنه يقول (كلا، ذهبوا الى دائرة الامن) في ذلك اليوم قلت بحدة لمام عولا(لقد وضعتم رأس يحيى في الطين، سيذهب مباشرة عند الجماعة، لكن عند الامن) وهو ظل يقول (انك  لاتزال طفلا، لاتفهم شيئا بالعمل الحزبي السري) وهكذا فقدنا كاك يحيى الى ان وصلتنا برقية من سجن ابو غريب تقول (انني في سجن ابو غريب تعالوا لمقابلتي!!)