أي حزن ينوء بثقله على الروح...أي صمت صراخ لفقدان الأحبة يختنق في الصدر...وكأن هذا المارد القبيح لا يعرف غير أن ينشب أسنانه في أرواح الانقياء كي يجعل الأرض تخلو من بريق نقائهم وعذوبة طيبتهم التي تميزهم عن نسائم الصباح، ويبدو حقيقة ما جاء به الشعر ( ضاگت گاعنه من أگبور فوگ أگبور / فوگ أگبور أهلنه أگبورنه أتعلت /كل يوم بهبيه وكل صباح بويد / مثل سف الحصير الزلم تسلت)
اليوم أنسل من سف حصيرة الشيوعيين نجم أضاء بنضاله الدؤوب والمثابر أرض كردستان، حمل الشيوعية في روحه العراقية وهي تتغذى من دمه الشيوعي الكردستاني، رضع رحيق المبادئ وهو لما يزل شابا في مدينته العمادية الشاهقة ارتفاعا ارتفاع روحه في المحبة والتسامح، انتمى إلى الحزب وهو يعرف أن الطريق صعبة، والأنظمة الشوفينية في العراق لا تدخر جهدا في محاربة كل الذين يريدون أن تزهر شجرة الحرية في العراق، وتفتق وعيه المبكر عن إصرار على حمل راية النضال واخلص لها بأمنيات شيوعية أن يراها ترفرف خفاقة في ربوع بلاده، أنه النصير الشيوعي دلمان آميدي الذي غادرنا اليوم على حين غفلة.
فقد التحق الرفيق النصير دلمان في منتصف عام 1981 بحركة الأنصار بعد أن قام بقيادة إضراب الطلاب الذي يعلمهم الحرف مثلما يزرع بأرواحهم روح التمرد والثورة على النظام الدكتاتوري البغيض، وواصل عمله في مجال الإعلام وأحتل مراكز قيادية في الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكردستاني لاحقا، غادرنا دلمان وفي روحه ذلك الحلم الجميل، حلم العدالة الاجتماعية التي ناضل كل سنوات حياته من أجلها
لدلمان آميدي النصير الشيوعي المجد والذكر الطيب أبدا ولنا نحن رفاقه الصبر على هذا الفقدان المر.
اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين
آربيل 9 نيسان 2015
وجع الوداع.. كلمات لسيدا دلمان أخي وصديقي / حيدر شيخ علي
لا أصعب من ان تتلقى إنباء محزنة عن رحيل أحبتك وأصدقائك وأنت بعيد، ترقد على فرش مرض موجع ينهش في جسدك ويأكل منه بنهم كل يوم. وليس اقسي من عدم مشاركتك رفاقك وأصدقاءك احزانهم وهم ويودعون صحبك الأعزاء. فقبل بضعة أشهر افتقدت الرفيق المناضل طلعت قصاب، وأنت بعيد، وقبلها فقدت القريب العزيز عباس البدري، دون ان يمهلك المرض كي تكتب رثاء يليق بصحبة امتدت مع العمر.
واليوم، وأنت منهك بسبب مرض أوجاعه لا تطاق، واذ تنتظر ما يخفف الآلام عنك، تضاف إليك أوجاع اشد إيلاما! فأي وجع اشد وأقسى من رحيل رفيق عزيز وصديق وفي ومناضل شديد البأس، وهو العزيز دلمان الذي يحلو لي ان أمازحه بـ ( سيدا) كما كان يناديه أبناء مدينته تحببا واحتراما.
لم أتوقع رحيلك المبكر ياعزيزي، ولم يتوقعه غيري. بل وانا في لجة التفكير بحزبنا الذي هو سبب صداقتنا وواحة تعارفنا والبيئة الصالحة لصحبتنا، حيث أفكر بتسيير عمل الحزب، وأدامة حركته وزيادة زخم تأثيره وتطوير نشاطه، أفكر بك سرا وعلانية، وكثيرا ما تحدثت معك ان تنهض بمسؤوليات اكبر. فانا ورفاقي جميعا لنا ثقة كبيرة بإمكانياتك و قدراتك، على ذلك.
لم أتوقع رحيلك الابدي المبكر، بل كنت أتطلع الى المزيد من عطائك للحزب، رغم سخائك اللامحدود في العطاء، وقد حملت مع رفاقك وبجدارة مسؤوليات كبيرة. لم اخف رهاني على قدراتك وحرصك وأفكارك التي تطرحها من اجل تقوية مواقع الحزب وتجديد أساليب كفاحه، وتطوير أدائه، وتحسين خطابه السياسي، وتنويع أطره التنظيمية.
لم أكن أتوقع ان تمتد بي الحياة كي أرثيك، ايها الصديق الوديع، الذي يحمل بقدر صمته وهدوئه غضبا عارما ضد كل الأوضاع الشاذة والاستثنائية التي رافقت حياتنا السياسية. وكيف لي ان أتوقع رحيلك وأنت مفعم بالحماسة والعطاء من اجل العدالة والكرامة وإحقاق الحق والإنصاف.
لم أتوقع غيابك الأبدي هكذا بهذه السرعة، ولا زالت كلماتك عبر الهاتف، ترن في اذني وانت تواصل بحرص متابعة وضعي الصحي، فتأتي كلماتك المفعمة بالحب، والحنان، وما تكتنز به من مشاعر الود والصداقة والإخلاص.
صديقي الحبيب، نم قرير العين، فقد أوفيت عهدك بالعطاء دفاعاً عن قضايا الكادحين. نم بهدوء، كما هو طبعك، وسنبقى نحمل ذكراك التي لن تفارقنا.
ها أنا أودع عزيزا كبيرا بعطائه وبمواقفه، دلمان القريب عن الروح، الوديع الجميل.
ديلمان العزيز، تبقى في قلوبنا دوما.. لن ننساك، ستظل ابداً وردة حمراء تعبق برائحة الحياة ولا تشيخ.