قضية ممو - جريمة اغتيال كوكبة... / محمد علي الطليباوي

من تأريخ حركة الانصار في أربيل

عطفا على ما كتبه رفيقي وصديقي فرهاد  رسول( (جتو) حول تلك القضية في الفترة الماضية.

قبل كل شيء أرى من الضروري جدا ان تترجم مقالة الرفيق جتو المنشورة في صفحته على الفيسبوك  الى العربي لما فيها من تفاصيل مهمة ودقيقة على ظروف وملابسات تلك الجريمة الشنيعة والتي للأسف لم يلتفت لها الحزب الشيوعي العراقي ومن ثم الكردستاني ,بذلك القدرمن الاهتمام الذي تستحق ولم يتعامل معها ومع نتائجها كما ينبغي.

  • كلمة لابد منها.

 من هو ((ممو))؟؟؟ وكيف ومن جيء به الى بيشمركة وأنصار الحزب الشيوعي ومن منحه الثقة للعمل ومعرفة الاسرار ومن الذي يتحمل وزر هدر دماء قرابة العشرين شهيدا, والذين تم الإيقاع بهم على مراحل.

 الاجابة على تلك التساؤلات يعرفها جميع من عمل في قاطع أربيل و بأي مستو من المسؤوليات. فالذي يتحمل المسؤلية الكبرى والاولى عن تلك الجريمة هم قيادة قاطع اربيل آنذاك وهم كل من ( ابوحكمت, ابوسيروان, ابو ربيع). وتقع المسؤلية الكبرى والمباشرة  على الرفيق ابو حكمت بوصفه مسؤل القاطع الاول. والسبب واضح وجلي , فالمجرم ممو شيوعي ارتبط بالتنظيم منذ آواخر الستينات و كان على علاقة مباشرة وقريبة من الكثير من اسماء المناضلين في مدينة اربيل و ما حولها. وتدرج في مراتب وهيأت قيادية عائدة الى محلية اربيل آنذاك كما وانه يرتبط بعلاقات قربى مع البعض من رفاقنا الجيدين في اربيل ومنهم على سبيل المثال الرفيق ( كانبي صالح).

بدأ ممو خياناته للحزب ولمنظمته منذ السبعينات يوم استولى على مالية محلية اربيل وصادرها وتكررت هذه الحالة 8مرتين. ومن المؤسف عفي عنه واعيد الارتباط به بعد تلك الافعال. حتى ان طرد آخيرا او بالاحرى ابتعد هو بنفسه عن تنظيمات الحزب, ويحكى ومنذ ذلك التأريخ لاحظ الكثير من الرفاق مؤشرات ارتباط ((ممو)) بمخابرات صدام واجهزت القمع البعثية.

عاد ممو الارتباط بالحزب وبحركة الانصار أعقاب معارك بشتأشان الثانية وتحديدا في ربيع 1984 حيث شوهد قادما من اربيل الى مقرات القاطع التي انتقلت الى منطقة بارزان. وهناك قام بعمله المخطط له سلفا وأعاد علاقته بالحزب من قبل الرفيق ابو حكمت, حيث منح الثقة مجددا. وعاد الى اربيل. وبذلك وما أتضح لنا فيما بعد بأن النظام عاد الى أختراق تنظيمات الحزب الشيوعي من اوسع الابواب: وهي بوابة ابو حكمت. وحتى لا ترمى التهم جزافا أدعو اي رفيق شيوعي او غير شيوعي معترض على ذلك بالادلاء بدلوه حول تلك الحقائق.

  • كيف نجح ممو بمهمته المخابراتية ؟

حيث استدرج رفاقنا الانصار السبعة أولا من مفرزة الرفيق عباس (أربيل) ثم الآخرين الى كمينه وتم الايقاع بهم, في المدينة اربيل يوم 10-11/11/1985 وتحديدا في محلة العدالة في واحدة من اوكار مديرية أمن أربيل.

كانت مجموعة الانصار وهم الرفاق (عباس آمر سرية اربيل, بريار, داود, سرباز وعادل) كانوا اصلا متواجدين في المدينة اربيل قبل وقوع الحادثة. وسبب وجودهم كان زيارة لعوائلهم والاختفاء لفترة حتى تبيان آفاق العمل .ثم تطورت الفكرة لديهم بالبقاء في المدينة وتشكيل المفرزة  وجاء اتفاقهم لاحقا مع قيادة القاطع على البقاء في مدينة اربيل والعمل كمفرزة مدينة تقوم بتنفيذ مهمات غاية في الدقة. وجاءت تلك التطورات بعد انحسار العمل الانصاري التقليدي في منطقة اربيل, وكذلك بعد موجة تهجير للكثير من القرى.وبعد اتخاذ قرارهم بالخروج من المدينة اضيفت لهم مجموعة ثانية من أنصار مفرزة خوشناوتي ومن معهم من الملتحقين الجدد سواء من مناطق أربيل او من بغداد, وهؤلاء الرفاق كانوا أيضا بالمدينة أربيل. ثم مجموعة ثالثة متفرقة من الانصارالغير منظوين تحت قيادة مفرزة عباس وكذلك بعض من الملتحقين.

السؤال المهم هنا كيف تم الربط بين المجموعتين داخل المدينة  والتنسيق بينهما  ثم الاتفاق على الخروج بمفرزة موحدة صوب بارزان؟ كذلك أضافة المجموعة الأخرى المتفرقة من الملتحقين ومن.

الأجابة على تلك الأسئلة يعرفها من كان يقود التنظيم داخل محلية أربيل المدينة ويعرفها أبو حكمت على وجه التحديد، وربما رفاق آخرين عرفوا بالنسيج بعد وقوع الكارثة. والمهزلة المأساة ان المجرم ((ممو)) هو من كان ينسق ويتولى تسهيل مرور الأنصار وانتقالهم من منطقة الى أخرى.

كانت المجموعة تنوي الخروج من المدينة اربيل والذهاب صعودا الى بارزان حيث مقرات قاطع اربيل بناءا على قرار من هيئة قاطع اربيل كما اشيع فيما بعد. والحقيقة هي ان تلك المجموعة من الرفاق أدركت عدم الجدوى من بقاءها في المدينة ولهذا فكروا بالالتحاق في الجبل. وبكونهم استلموا التوجيهات من ابو حكمت شخصيا بالثقة بالمدعو ممو والتنسيق والتعاون معه, فقد أصبح ((ممو)) هو الموجه والقائد الفعلي للمجموعة فهو العارف بمجراها ومسراها. قدم ((ممو)) للمجموعة مقترحه بأن يخرجهم جميعا الى منطقة بيخمة بالسيارات ومن هناك يكملوا مسيرة ساعات على الاقدام الى مقر القاطع في منطقة بارزان. وكانت الاجواء التي خلقها ((ممو)) واسياده للمجموعة ايجابية وتبعث على الثقة والآطمئنان, بحيث لا أحد يشك بالذي يحصل. فقد قام بأكثر من حالة تنقل للأنصار داخل المدينة وهم في عتادهم واسلحتهم والعبور من العديد من السيطرات والمطبات،  فالرجل ممو مزكى من قبل ابو حكمت وهو من دعى المجموعة للثقة به والعمل معه. جرى تجميعهم في واحد من المنازل وتم أطعامهم و سقيهم الشراب المخدر الممزوج بالكوكا كولا ،فوقع بتلك الفعلة القذرة من وقع, اما من احس بالخطر بانه مقبل على الآسر وكان بعيدا عن المجموعة الاولى, فقد جرى تصفيته جسديا في معارك امتدت لدقائق كما جرى للشهيد عباس عبد الله خضر وبريار وغيرهم. وكان الذي يشرف على العملية من كبار ضباط مديرية امن أربيل ، والذي بدأ يسخر مما سمعه بأن المجرم ممو هو من دبر ذلك فقد كان رده (ممو شنو، ممو قندرة، هذا تخطيط دائرة الامن العراقية). 

 

 

  • شهادتي الشخصية بتلك القضية.

كنت في مفرزة جوالة مع النصيروالرفيق السابق والخائن لاحقا(( صادق)) في سهول أربيل ولعدة شهورخلت من صيف وخريف 1984، واتفقنا على تفكيك المفرزة واللجوء الى المدينة لبعض الوقت ثم الخروج والعودة ثانية الى سهول أربيل. وكانت تلك الخطوات لها علاقة أيضا بحالة الاقتتال الداخلي مع بيشمركة الاتحاد الوطني آنذاك، فالاجواء لم تصفى بعد. وفي تلك الظروف جرت أحداث درماتيكية ، فقد سلم صادق نفسه للسلطة في أربيل وهو- آمر مفرزتنا- ، وقام بالتعاون معهم لاحقا وكان معه أكثر من اثنين من الأنصار، أتذكر واحدا منهم اسمه سرهنك، كذلك انقطعت أخبار البعض مثل اخبار النصير سوره وغيره. هنا قررت الخروج السريع جدا من المدينة، وكنت يومها في بيت رفيقنا وفقيدنا اسطه كريم ((أبو دارا)) الذي ساعدنا في الوصول الى محلة لطيفاوه وكان بصحبتي الشهيد دارا. وبعد جولة لعدة أيام في منطقة سهول أربيل قررت الصعود الى بارزان خاصة وان هناك مجموعة ملتحقين جدد يجب أيصالهم الى هناك. قررت الذهاب الى المدينة لغرض اللقاء واقناع الرفاق داود وسرباز وبريار بالخروج معي الى بارزان. وكان خوفي واحساسي ان هناك أشياء واحداث سوف تقع، خاصة وان الاخبار على مفرزة عباس او مفرزة أربيل أصبحت على لسان الغالبية من أصدقاءنا ورفاقنا في أربيل المدينة وفي الأرياف أيضا. فقد شاهدهم البعض يتجولون سوية بسيارات داخل المدينة اربيل بشكل اشبه بالعلن في أسلحة وعتاد. ترى اين هي عيون السلطة من نشاطاتهم وتحركاتهم خاصة وان قبضتها ما تزال قوية وفاعلة ونجحت للإطاحة بالكثير من المناضلين؟ هل يعقل ان مفرزة مدينة من خمسة رفاق تتجول سوية بسيارات التاكسي او الخصوصي في شوارع تكتظ بسيطرات آمراء الجحوش وكذلك السيطرات الإرهابية المشتركة من المخابرات والجحوش، وتكون في مأمن من عيون السلطة.؟

ذهبت بصحبة الأخ مقديد الذي ينحدر من واحدة من العوائل الشيوعية العريقة في أربيل والتي قدمت اكثر من خمسة شهداء، ذهبت الى بيت الرفيق ((داود)) منطلقين من محلة لطيفاوه ،وهناك التقيت بالرفيق(( وريا)) الأخ الأكبر للبطل (داود)، والذي لم يصبح بيشمركة بعد. وبعد الغداء جاءت المجموعة ودخلت الدار وهم ( داود و عباس وسرباز وسورة ثم ممو) ولا أتذكر ان كان معهم بريار او لم يكن. وبعد السلام وتبادل الحديث حيث أردت الاختلاء بالرفاق داود وسرباز ودعوتهم للذهاب معي الى بارزان، هنا بادرني ((ممو)) بالسؤال والدعوة الى الانضمام الى مفرزتهم والتجول معهم والقيام بالعمليات داخل المدينة ، وانه سوف يعمل الوثائق اللازمة لي من عدم التعرض.       ( سوف أعمل لك هويه). قلت له شكرا دعني افكر واسئل القاطع بذلك.

خرجت بسرعة البرق بعد رفض الرفاق دعوتي وفكرتهم بانتظار القرار من القاطع، طلبت من (سوره) ايصالي الى لطيفاوه، حيث بيت الشهيد خالد حمه امين (اخ الشهيد سفر)، ثم انتقلت الى بيت الاخ مقديد الذي أوصلني عند حلول الظلام الى اطراف لطيفاوة بعد التأكد من عدم وجود كمائن هناك . ومن هناك واصلت السير ليلا حتى قرية ((ماستاوة)) ثم ((هيلوه))، واللقاء بالرفاق البيشمركة والرفيق الشهيد (هاشم) – احمد-. على ما أظن ،حيث حدثته عن انطباعاتي ورأيى بعمل الرفاق داخل المدينة وكان متفقا معي بالتمام بانه من غير المجدي البقاء في المدينة، خاصة وان لا أعمال وعمليات تذكر.

وللتأريخ ، وبعيدا عن الملامة للرفاق الابطال المغدور بهم جميعا، وبعيدا عن الادعاء بالنباهة واليقظة والحس الثوري من جانبي الشخصي، أقول ان وضع المفرزة او مجموعة عباس كان في غاية التحلل وبعيدا كل البعد عن العمل السري، الذي يقتضي عدم معرفة حتى أفراد العائلة او المقربون بوجود المناضل. وبعيدا عن التنظير فقد كان الجميع يتحرك بسلاح المسدس، وسوية في سيارة خصوصي أو تأكسي لا اعرف عائدة لمن. وكان حديثهم ينم على تواصل وعلاقات كثيرة مع الناس والأصدقاء. كذلك عدم الاحتراس من الجيران في المحلة ، فقد شاهدت الرفيق داود مغرم بفتاة الجيران حيث يبادلها الغزل ، هو وقوفا في باب الدار وهي على السطوح. وكان هناك همس بتورط البعض بعلاقات غرامية .

عند وصولي الى بارزان التقيت بالرفيقين من مكتب القاطع وهما أبو حكمت وأبو ربيع وتحدثت لهم عن انطباعاتي عن عمل ووضع مفرزة عباس، بل أقترحت عليهم سحب الرفاق فورا ودون ابطاء.

لكن للأسف كانت الإجراءات بطيئة، ولم ترتقي الى حجم المخاوف.

ترى ماذا يدل كل ذلك؟

في رأيء المتواضع لقد نجح النظام بمخططاته بالايقاع بالمناضلين، وفشل الحزب الشيوعي في صيانة عمله السري، بل فشل حتى في ملاحقة المجرم طوال تلك السنوات.

  • ,أخيرا ما هو المطلوب عمله من الحزب الشيوعي الكردستاني خصوصا والعراقي عموما لملاحقة هذا المجرم الخطير قضائيا. فالاخبار تشير الى انه ما زال طليقا يتجول في بيروت او سوريا او الأردن.

هذه الجريمة لا تخص الشيوعيين وحدهم. هذا المدعو ((ممو)) يجب ملاحقته قضائيا عبر الانتربول والشرطة الدولية ليس بوصفه مجرم قاتل وسفاح فحسب، بل بوصفه عميل خطير لنظام الجلاد صدام حسين، قام بخدمة النظام لاكثر من ثلاثين عاما.

أن تلك القضية يجب ان لا تهمل.

أن دماء الشهداء يجب ان لا تذهب هدرا.

يجب محاكمة حتى الموتى أمثال أبو حكمت وغيره.

 

ملاحظة أخيرة ادعو الرفاق من لديه المعلومات حول هذه القضية بالكتابة  والنشر لغرض الاستفادة منها، خاصة الرفيق العزيز دكتور صادق.