الخطوة الفعلية لاعادته للحزب ( 2) فرهاد رسول وترجمة ماهر هندي
كما تحدثت في الجزء السابق في الوقت الذي كانت مفارز الحزب في مناطق الاختفاء عن قوات (اوك- والنظام) كانوا يدخلون الى داخل المدينة كان ممو يلتقي بالرفاق محاولا التقرب منهم ، وبعض المرات ، الوعود التي كان يقدمها لهم على انه يستطيع عن طريق اخواله الذين هم مسلحي النظام ومن عشيرة (الزراريين) الذين تقع تحت سيطرتهم منطقة شاسعة، لا تستطيع قوات (اوك) ان تدخلها (منطقة الزراريين) والتي هي منطقة مهمة والتي تعتبر نقطة ربط (بين سهل اربيل باتجاه منطقة بارزان) لتسهيل حركة الرفاق البيشمركة ، وكذلك بسبب صلة القرابة والمعرفة القديمة ومن الممكن ان تكون هناك امور اخرى كانت اسبابا جعلت من جميع رفاق البيشمركة وقسم كبير من كوادر الحزب في اربيل (عمليا) يحاولون اعادته ، وان يرسلو رسائل لدعمه الى قيادة القاطع يصرون فيها على اعادة (ممو) الى التنظيم ، هؤلاء الرفاق كانت قد توفرت لهم قناعة تامة بان (المذكور) قد اجحف بحقه وكلما جرت محاولة اعادته الى التنظيم اصبحت القضية قضية شخصية وكانها قضية تنافس شخصي داخل الحزب (يقال انه فقط الرفيق فاتح رسول كان خلف هذا الموقف وكان يدعمه الرفيق نجم الدين مامو وكل هذا عبارة عن اسباب شخصية لا اكثر ولا اقل) وما عدا ذلك فان (الشخص المذكور) هو شخص مخلص (كما يعتقدون) والكثير من تلك الرسائل التي كانت تكتب من قبل الرفاق فيها الكثير من المبالغة مثلا (انه كان يساعدنا كثيرا داخل المدينة أو وجوده في الضروف الحالية مهم جدا للحزب، وعشرات من الاشياء الاخرى التي ليس لها اي اساس وذلك كي تضطر القيادة الى اعادته. حسب علمي ان قيادة القاطع ومحلية اربيل كانت لديهم نفس الرغبة لاعادته، بعض من هؤلاء الراغبين بعودته لم يكن دافعهم الاخلاص، بل لمصالح شخصية او بسبب التنافس الحزبي بين رفاق القاطع او بين رفاق المحلية( اعرف قسم كبير من هذه الاسباب وهؤلاء الاشخاص بالاسم، لا ارى ضرورة لكتابتها). بشكل عام بالرغم من ان (المذكور) لم يقبل داخل الحزب رسميا لكنه عند هؤلاء الرفاق الذين كانوا في المدينة (بيشمركة وكوادر)، كانوا يعاملونه كشخص فعال ومخلص ويجري التعامل معه كانه واحدا منهم ويجري استشارته في كثير من الامور ويؤخذ برأيه ، باختصار يجب القول ان قرار اعادته اتخذ في المدينة بدون حساب للهيئات العليا، لكن ما يجب ان يقال ايضا ان الضوء الاخضر قد اعطي من قبل قيادة القاطع وخصوصا (ابو حكمت) الذي كان في ذلك الوقت مسؤول القاطع وعضو اللجنة المركزية، فقد كنت على علم عدة مرات من خلال عدة رسائل كان قد اعطى الحرية للرفاق البيشمركة للاستفادة من امكانيات (ممو).
عودة المفارز الى بارزان
بعد فترة من بقاء مفارز البيشمركة بشكل اختفاء في المدينة وبسبب كثرة قوات (اوك) في المنطقة اضطرت المفارز لاتخاذ قرار العودة الى مقرات القيادة وبدأ التفكير بكيفية الخروج من المدينة بسلام، لكثرة عدد قوات (اوك) الذين كانوا قد اتوا متقصدين لضرب هذه المفرزة ، واخذوا يتعرضون لكل مايمت للبيشمركه بصلة، كانوا يلقون القبض على اصدقاء واقارب ومعارف البيشمركة الشيوعيين، ووصلت ببعضهم الى القتل كما حدث مع احد الملتحقين العرب وكان ضابطا طيارا برتبة رائد في قرية (بيريات) في منطقة شمامك امام اعين الناس من قبل مفرزة للفرقة (93) كويسنجق التابعة ل (أوك(.
اوك حشدوا كل مالديهم من قوة من كركوك ومنطقة بالك ومنطقة كويسنجق ...الخ جلبوهم الى المنطقة ومماساعدهم على ذلك انها كانت فترة مفاوضات مع النظام مما سهل لهم حركتهم.كان ذلك يخلق ضغطا على الرفاق داخل المدينة لذا ففي حالة اضطرارهم،كان عليهم ان يفكروا بعدة خيارت اخرى للعودة، يبدو ان ( المذكور) كان على علم بذلك ايضا، ليقدم لهم اقتراحا بانه يستطيع عن طريق أخواله الزراريين واقاربه ان يوصلهم بواسطة السيارات الى مناطق بعيدة عن قوات (اوك)، وكنت على علم باحد اقتراحات المذكور هذه والتي كانت بانه يستطيع ان يوفر عدة (تانكرات) ويستطيع اخراجهم بواسطة هذه التانكرات من المدينة الى منطقة سهل حرير، بعض من الرفاق اقتنعوا بهذا الاقتراح، لكن البعض الاخر لم يقبل به.
على كل حال في شهر(4\ 1984) تهيأت المفرزة للخروج من المدينة حيث كان مقترح الخروج بواسطة التانكر لايزال قائما، انا كنت عندهم في ذلك المساء ، لتقديم المساعدة ولتوديعهم، بعض من هؤلاء الرفاق كانوا في (حي العمال) في بيت الشهيد داؤد، والبعض الاخر كانوا في بيت مام (علي سعيد)والد المرحوم سوره، حيث ان البيتين يقعان في نفس الزقاق، والرفاق الاخرين اغلبهم كانوا في محلة لطيفاوا . بعد الغروب، رفاق محلة كريكاران (حي العمال) توجهوا الى محلة لطيفاوا حيث انها كانت نقطةالخروج المتفق عليها، ( هذا كله والشخص المذكور على علم بكل هذه الاشياء) عندذاك عدت الى بيتنا الذي كان في منطقة بلاشاوه التي هي الاسكان حاليا.
انكشاف حركة المفرزة
عند وصولي الى البيت، وكنت قد وصلت الباب تواٌ، وصلت (جميلة اخت الشهيد عبدالله الذي هوايضا من ضمن مفرزة الاختفاء) الى بيتنا مسرعة وقالت للتو (كاك خسرو) الذي هو معاون ( عمر حسن الذي كان امر مفرزة امن) اخبرنا بانهم سيذهبون الى طريق لطيفاوه ليضعوا كمينا على طريق مفرزة شيوعية ستعبر من هذا الطريق والذين سيأتون اما باللوريات او التانكرات ، قالت لي ان كاك خسرو قال لها اسرعي باخبار (فرهاد) ليوصل لهم الخبر والذي لم يكن يعرف انني قد عدت للتو من عندهم ، وكاك خسرو هذا هو ابن عم الشهداء داؤد وارام وهو اقاربي ايضا،وهو يعلم بعلاقتي بالحزب.
مباشرة اسرعت الى الشارع واوقفت سيارة اجرة عائدا باتجاه حي العمال. عندما وصلت الى بيت (مام علي سعيد) شاهدت سوره ويحيى اخو داؤد وارام يلعبون الدومينو، اسرعت بايصال الخبر اليهم، ليقوم المرحوم سوره مباشرة حيث كان حقا شجاعا ومخلصا لهؤلاء الرفاق وللحزب، وقال لنذهب ونوصل الخبر وكان لديه في ذلك الوقت سيارة لادا (تاكسي)، واتجهنا نحن الثلاثة الى محلة لطيفاوه .
الوقوع في الكمين
في المكان الذي تقع فيه الصناعة الجنوبية حاليا، في ذلك الوقت كانت تلك منطقة غير مأهولة، ومع وصول سيارتنا وقعنا في الكمين الذي تحدثت عنه سابقا،وطوقنا من جهاتنا الاربعة ، وبدأ اصوات سحب اقسام السلاح ، واكثر من عشر فوهات بنادق ظهرت في داخل سيارتنا، بطريقة لم نعد قادرين فيها على الحركة، عندها ظهر (عمر حسن ) بنفسه وبيده مصباحا يعمل على البطارية، ومباشرة وقع نظره على يحيى والذي يعرفه جيدا فقال ليحيى بسخرية (ها فرفينك) ( وهي طريقة سخرية اربيلية) هل ستذهب لتبلغ الرفاق؟) . كاك يحيى ارتبك كثيرا ولم ينطق بأي كلمة، لان عمر حسن يعرفه جيدا ويعرف كم هو بلا اخلاق . بعد ذلك ادار ضوء مصباحه باتجاهي وقال لي ( ها هل انت شيوعي ايضا؟) انا بطريقة وكأنني متمالك اعصابي ، وببعض التمثيل وضعت يدي مقابل ضوء المصباح وملت بجسمي قليلا وقلت له ( ابعد هذا المصباح، اي شيوعي ؟ انا ذاهب لابلغ صديقي لنذهب للعمل سوية غدا صباحا، حيث كنت وقتذاك فعلا عاملا. لم يصدق كلامي خصوصا بعد ان رأى يحيى، كان واثق من اننا كنا ذاهبين لتبليغ الرفاق، فأمر بأعادتنا. لكن المرحوم سوره تحدث بطريقة بدا عليه انه متمالك لاعصابه، قائلا نحن ذاهبون مع هذا الاخ ( وهو يقصدني) ليقضي شغله، نرجو ان تأذنوا لنا. عندها توجه (عمر حسن) بالسؤال الى كاك خسرو الذي كان معه في المفرزقائلا: هل تعرف هؤلاء؟ وهو يقصدني ويقصد كاك سوره، لانه يعرف كاك يحيى جيدا، فاجابه كاك خسرو هذا فرهاد وهو اقاربنا، وهذا الاخر هو سائق تاكسي وهو رجل فقير، عندذاك بعد حديث الاخ خسرو أاعطانا الاذن بالذهاب الى لطيفاوه عند الرفاق.
وصولنا الى محلة لطيفاوه
بعد خروجنا بهذه الطريقة التي تحدثت عنها، وصلنا الى محلة لطيفاوه حيث انها محلة شعبية بأزقة مظلمة وضيقة ومخيفة ذهبنا رأسا الى الى بيت (سيد فاتم) حيث كان اثنين او ثلاثة من ابنائه من بيشمركة الحزب، وبيته كان يعمل كما لو انه مقر سري للحزب) شاهدنا هناك (صادق) الذي هو مسؤول مفرزة قه ره جوغ لوحده هناك، اثار ذلك تعجبنا كثيرا، لماذا هو لوحده هناك ؟ بعد ذلك توقفنا قليلا ، وتحدثنا عن موضوع كشف الرفاق وموضوع الكمين وكل هذه الاشياء، لم يؤثر ذلك بصادق قيد شعرة وكأن شيئا لم يكن، وتحدث ببساطة قائلا، بعد ان كان بعض الرفاق ضد انتقالهم بالتانكر، او بواسطة لوري ، اتفقوا على ان يسلكوا طريق سهل شمامك، وذهبوا سيرا على الاقدام قبل قليل.، وليس هناك اي شئ ولا تخافوا (موجها الحديث لنا). بالنسبة لي تعجبت كثيرا، كل هذه الاحداث المتسارعة، كشف الرفاق ، والكمين، كل ذلك كان عنده شئ بسيط وسهل ولا يدعو للقلق!!! عند ذاك قال له كاك يحيى ( ولماذا انت تخلفت لوحدك ولم تخرج معهم؟) بكل بساطة قال ( انا ساعود عن طريق بعض الاصدقاء بواسطة السيارة) وهذا مافعله فعلا بعد ذلك. في نفس الوقت سمعنا اصوات اطلاقات، وتعالت اصوات نباح الكلاب، وصلنا الى قناعة بان الرفاق خرجوا، بكل الاحوال فقد غادرنا قلقنا وشكنا عند خروجنا من هذا البيت بعد ان التقينا برجل يحمل بندقية صينية يعرفه سوره معرفة جيدة، قال انني كنت دليلا لهم وقد عبرتهم الخندق ويبدو ان له علاقة بتنظيمات الحزب بالرغم من كونه من جحوش سيد قهار، مع الاسف لم اعد اتذكر اسمه، شخص (احمراني، انيق ، كان يملك سيارة تاكسي نوع كورونا).
لكن ونحن في هذا الوضع اين سنذهب؟ كاك يحيى كان واثقا اننا اذا رجعنا من نفس طريقنا فان الكمين سيطلق النار علينا، اضطررنا لقتل الوقت ان نذهب الى بيت ( مام شيمحمد والد بيشرو ودلشاد) الذي كان احدهما كادر الحزب والاخر بيشمه ركه للحزب. لفترة تزيد على ساعتين قضيناها هناك، تجاوزت الساعة منتصف الليل، كنا واثقين عندها بان الكمين قد انسحب، لاننا رأيناهم، وعرفوا باننا سنخبر عنهم، وعند تعالي اصوات عواء الكلاب اطلقوا بعض الاطلاقات كانهم يقولون باننا منتبهين.
العودة الى اربيل
في ساعه متأخرة من الليل، كان علينا ان نعود الى بيوتنا، توجهنا ولكن بهدوء وبحذر، كانت عيوننا تراقب طريق العودة من كل الجهات، الى ان وصلنا الى مكان الكمين، حيث لم يكن هناك احد، فرحنا بذلك ولما لم يجد كاك سوره احدا في موضع الكمين، اسرع كثيرا بسيارته لنخرج باسرع مايكون من هذه المنطقة، سرنا قليلا، لنستمع الى دوي عالي ، كما لو ان سيارتنا قد اصيبت ، حقيقة خفنا كثيراواعتقدنا انهم ضربونا، خصوصا وان كاك يحيى قال عدة مرات أنا اعرف (عمر حسن) جيدا ، اذا رجعنا سوف يضربنا، فعندما سمعنا هذا الصوت، قال يحيى(الم اقل لكم انهم سيضربونا؟)، عندها كاك سوره ضحك وقال (لقد انفجر اطار سيارتنا، لا تخافون).. نزلنا على عجل وغيرنا اطار السيارة وعدنا، اوصلوني الى بيتنا، وهم ذهبوا الى بيوتهم.
ذهاب (المذكور) الى بارزان
بعد ذلك علمنا ان الرفاق اتفقوا مع ممو انه بكل الاحوال يجب ان يصل الى بارزان، وهناك يطلب مرة ثانية العودة الى الحزب،حيث انها سهلت له كثيرا وان طلبه سيقبل هذه المرة بالتأكيد، عندها قال انه لايستطيع ان يقطع هذه المسافة سيرا على الاقدام، سأحاول الاستفادة من اقاربي واعود بالسيارة، ساتي الى بارزان بعد عدة ايام. وفعلا وبعد عدة ايام، (صادق وممو) كل على حدة، وممكن ان يكون احدهم لا يعرف بالاخر، ولكن بطريقة متشابهة وصلوا بالسيارة الى بارزان بطريقة لايعرفهاغيرهما.