
قضية ممو (3) / فرهاد رسول وترجمة ماهر هندي
قبول (ممو) في صفوف الحزب
اثناء وصول المفارز الى منطقة بارزان، يصل المذكور ( وحسب الاتفاق الذي جرى) الى بارزان بواسطة السيارة، ويحل ضيفا (معززا) عند اغلب الرفاق، خصوصا البيشمركة وقيادة القاطع وقسم كبير من محلية اربيل، ثم شيئا فشيئا يجري العمل على اعادته بشكل غير مباشر، بمحاولة تجميل صورته وجعله مقبولا عند الرفاق وذلك باستضافته عند بعض الرفاق، واصطحابه والسير معه واصطحابه في زيارة كل الرفاق والمقرات .... الخ
اعادته بشكل رسمي
بعد مرور عدة ايام بهذا الشكل يُطلب منه من قبل الرفاق وخاصة قيادة القاطع ان يكتب رسالة لقيادة القاطع يطلب فيها اعادة قبوله في الحزب و(رد الاعتبار) له وذلك لمرور سنين طويلة على هذه العقوبة التي فرضت عليه بدون وجه حق،وقد صبر على كل ذلك لكل هذه الفترة الطويلة....الخ، من الجدير بالذكر انه في هذه الفترة وقبلها كما ذكرت اغلب الرفاق البيشمركه وكوادر محلية اربيل كانوا يرسلون رسائل طلب اعادة (المذكور) ورسائل تزكية له كل لهيئته العليا، وكانوا مستمرين بالضغط على الحزب ، كل من جهته، حتى كما اعرف قد جرى الطلب من الرفيق (عزيز محمد) ايضا ان يكون له دور في ذلك. (في ذلك الوقت اي في سنة 1984 كان الرفيق عزيز محمد في كردستان وقضى اغلب وقته في منطقة بارزان)، اعرف اسماء كثير من هؤلاء الرفاق الذين اصروا كثيرا على عودة (المذكور) واعرف ان بعضهم كان عن قناعة، والبعض كان عن سذاجة، وبعض اخر بسبب الصداقة وصلة القرابة، وبعض اخر فقط كرها بالرفاق الذين كانوا بالضد من قبوله، وممكن ان يكون البعض قد عمل على شكل تكتل، لكني لا اشك ان احدا قد فعل ذلك لمصلحة النظام كأندساس!!!!
بعد الكثير من الجلسات والاجتماعات والمناقشات توصلت قيادة القاطع الى قرار اعادته ( فقط كبيشمركة)، يبدو ان (ابو حكمت) كان له دورا اساسيا في هذا القرار، وكان قد قال للرفاق(اذا لم يتخذ القرار بالاغلبية، فانا ساعيده على مسؤوليتي الشخصية ، ولكنه استطاع ان يمرر القرار بالاغلبية وكما علمت انه فقط (ابو سيروان) من قيادة القاطع وقف ضد القرار، وهذا الرفيق ( ابو سيروان) بطبيعته كان ليناً ودائما كان لا يدافع بقوة عن موقفه، وهكذا كان، عدا عن بعض الاصوات المضادة في الاقليم وفي محلية اربيل والتي كان ابرزها الرفاق (ابو اسوس ونجم الدين مامو) مع بعض الكوادر الاخرى التي لم يكن لها دورا بارزا في ذلك الوقت، او لم يكونوا في موقع المسؤولية هكذا كانت عملية قبول (المذكور) كبيشمركة وليس كحزبي.
عودة المفرزة الى المدينة
بعد فترة قصيرة بدأ التفكير بتشكيل وارسال مفرزة صغيرة الى المدينة على ان يكون عملها داخل المدينة فقط، للعمليات الخاصة، على الاغلب لجمع التبرعات واشياء شبيهة وكذلك لضرورة تواجد بيشمركة الحزب في المدينة، كما تحدثت سابقا، ، كان تواجد بيشمركة (حشع) صعبا جدا، لكثرة اعداد قوات اوك ومفاوضاتهم مع النظام ، اما اذا كان هناك شيئا اخرا وراء ارسال هذه المفرزة كعمل (مخابراتي) للقضاء على المفرزة وكشف التنظيم بالكامل، فانا لا امتلك اي وثيقة او مستند يثبت ذلك بالرغم من انني حاولت كثيرا للحصول على شئ من هذا القبيل، لكن بعد انتهاء القضية، واستشهاد الرفاق، بدأ الحديث عن هكذا اشياء هنا وهناك داخل الحزب وقوات البيشمركة ، وكانت اصابع الاتهام توجه الى (ابو حكمت)، لكن في هذه الملفات التي وقعت بايدينا لم تكن تحوي على شئ ذو بال يؤكد ذلك، او انني لم اراها اولم اعثر عليها، على كل حال شكلت مفرزة من ستة اشخاص وتألفت من (عباس، بريار، داؤد، سرباز، عادل يابه، ومغديد شه ل) ارسلت الى المدينة ووصلت المفرزة الى المدينة بتاريخ 24\6\1984 .
اللغز
عند وصول هذه المفرزة الى المدينة وبعد عدة ايام من الراحة، بدأوا بوضع برنامج لعملهم ونظموا كل ذلك ، وبلغوا الاشخاص الذين كانوا سيستفيدون منهم حسب قناعتهم، لعملهم القادم، وكنت انا من هؤلاء الاشخاص وكذلك كل من (عبد الله، يوسف، يحيى، سوره) واخرين، وكانوا قد شخصونا لمساعدتهم بحكم كون بيوتنا بدون ان نعرف اصبحت بيوتا حزبية، وباستمرار كانت تعقد فيها الاجتماعات ومبيتهم كان في هذه البيوت، ونحن كنا نعرف كل شئ ولم يكن هناك سرا خافيا علينا، وكنا على علم كا مل بالعمل والنشاط والحركة حتى الرسائل السرية بينهم وبين قياداتهم، لكن شيئا وحيدا بقي لحد الان لدي موضع شك، وموقف على العمل كلغز الا وهو : عند تشكيل هذه المفرزة وارسالها الى داخل المدينة، تقرر بالشكل التالي عندما تنظم المفرزة عملها داخل المدينة بدون مواجهة عقبات ويكون لديها القدرة على العمل، سيلتحق بها الرفيق (كانبي كٌوره ) الذي كان مقررا مسبقا ان يكون المسؤول الاول لهذه المفرزة، وبه سيصبح عددهم سبعة رفاق، وكانت هيئة المفرزة مشكلة من كل من (كانبى، عباس، بريار) . مر وقت طويل ولم ينظم كانبى الى المفرزة، كانت تطرق مسامعي عدة مرات في جلساتهم ان هاورى كانبى سيأتي، ولماذا لم يأتي..الخ..ولا اعلم ماهو سبب تأخره وعدم قدومه ، ولحد الان بقي عندي كحلقة مفقودة في هذا الحدث خصوصا وان الرفيق كانبى هو اخو زوجة (المذكور).
البيت الحزبي
للعمل التنظيمي لكل حزب اومجموعة احتياجات كثيرة، احد هذه الاشياء (البيت الحزبي)، بلا شك ان البيت الحزبي له شروطه منها، احتوائه على غرف عديدة، فيه اماكن اختفاء للطوارئ، عدم معرفة صاحب الدار في المحلة، واشياء اخرى للذين قد مارسوا العمل السري يكونوا على دراية اكثر بها، وتكون مصاريف هذا البيت على عاتق الحزب، من ناحية الايجار والمصاريف اليومية، وفي بعض الاحيان حتى شراء البيت.
بشكل عام هؤلاء بالنسبة للذين ذكرت اسمائهم اعلاه اصبحت بيتونا بالكامل بيوتا حزبية، بدون ان تنطبق عليها اي من المواصفات المطلوبة للبيت الحزبي. كلنا كنا معروفين لاهل المحلة، وحتى اقربائنا ومعارفنا كانوا معروفين لديهم، اي غريب يأتي الى بيتنا سيعرف رأسا، ومصاريف هذه البيوت بالكامل كانت على عاتق اصحاب هذه البيوت، وفي كثير من الاحيان كانوا يقدمون مساعدات مادية للرفاق الذين يأوونهم، بالنسبة لبيتنا، كنا نعتمد فقط على راتب والدي بكل شئ، وكل الواجب كان على عاتق والدي، في كثير من المرات كان يعمل بعد الدوام كعمل اضافي في البساتين او في صبغ الدور لتمشية امورنا المعاشية، وكذلك كانت البيوت الاخرى. بعد الانتفاضة ، (عرفت ماذا قُدم لبعض البيوت، واي نوع من الصرف كان يصرف عليها، والتي لم تكن تستخدم للعمل الحزبي بقدر عشر البيوت التي اسلفت ذكرها، حتى فتح بيت لبعض الناس في منطقة راقية في اربيل، وهناك ناس اجروا بيوتهم للحزب بحجة انها انكشفت ليذهب ويستأجر بيت اخر على حساب مالية الحزب، بمعنى انه يقبض ايجارين في نفس الوقت.)!!!
كما قلت سابقا، بيوتنا كانت مكشوفة عند اهل المحلة ،وضيوفنا اغلبهم كانوا يدخلون ويخرجون في اوقات منتصف الليل ومبكرين صباحا وكانوا مكشوفين لاهل المحلة، انا عن نفسي ممتن وشاكرا شكرا جزيلا لاهل محلتي (بلاشاوه) الذين حتى مع بعض البيوت التي الى حد ما علاقاتنا لم تكون معهم على مايرام، لكن مع هذا فان غيرتهم وشهامتهم ووطنيتهم لم تسمح لاحد منهم يوما من الايام ان يخبروا عنا، بالرغم من ان اصدقائي الذين بعمري كانوا يقولون بصراحة انهم رأوا (كاكل) ويعنون اخي بريار اتى الى البيت وكان معه ناس غرباء، حتى بعض المرات عندما كان يرسلني بعمل حزبي كنت اخذهم معي وانهي عملي امامهم، وجميعهم يعرفون انني احمل مسدسا، واذا شاهدوني حاملا للمسدس يعلمون انني ذاهب الى مهمة حزببية خاصة فكانوا يخبرووني بمكامن الخطر التي يعرفونها وذلك خوفا علي. باختصار ناس ذلك الزمان كانوا اصحاب قيم وشهامة، لكن مع الاسف فان حكومة كردستان واحزاب السلطة عملوا على تشويهها.
قدوم ممو الى المدينة
بعد مدة قصيرة من وصول الرفاق الى المدينة، حيث كانوا منشغلين بتنظيم انفسهم، يبدو ان (المذكور) اتى الى المدينة، بعد عدة ايام التقى هؤلاء الرفاق ، كما اتذكر اول لقاء كان في بيتنا، كان قد جلب معه رسالة القاطع للرفاق وقال، انني قد كلفت من قبل ابو حكمت ان اعمل في اوساط عشائر برانتي وزرارتي لاجد اناسا يؤمنون الطريق للمفرزة وللرفاق الى بارزان والتعاون الكامل معكم في المدينة وفي المنطقة، بمعنى انه كلف بمهمة خاصة، وفي الرسالة نفس الشئ كان مكتوب ( تستطيعوا ان تنسقوا تنسيقا كاملا مع ممو وقد كلف من قبلنا بهذا العمل). الرفيق بريار كتب رسالة الى الرفيق عباس بخصوص هذه المسألة، قمت انا بايصال هذه الرسالة ليد الرفيق عباس في بيته، ويبدو فيها انه قد دعاه لان يأتي ليلا الى بيتنا، والرفيق داؤد ايضا كان موجودا في بيتنا لكي يتباحثوا بشأن هذه المسألة. ليلا ارسلوني لكي اتي بالرفيق عباس، فاتيت به عندهم، جرى كل الحديث بوجودي، الجميع كانوا فرحين بهذا الحدث، (المذكور) تحدث لنا عن كيفية قبوله ومن كان مع قبلوله ومن كان ضد، وتحدث لنا عن من هنأه واحدا واحدا، حتى تهنئة (الرفيق عزيز محمد) والذي قال له عند تهنئته ( ثمرة الصبر حلوة) كأشارة الى السنين التي صبرها المذكور. وتحدث لنا كيف انه كرم الرفاق، وذبح لهم ثلاث معزات، واقام لهم عزيمة كبيرة كرد لجميل اعادته الى الحزب، واشياء اخرى عديدة مثل هذه تحدّث لنا عنها، الى ساعة متأخرة من الليلكانوا معا، ومن ثمغادر عباس والمذكور ،و مكث في بيتنا الرفاق بريار وداؤد حتى الصباح.
