قضية ممو (4) / فرهاد رسول وترجمة ماهر هندي                 

استشهاد (ملازم ارام)

في نفس الفترة التي كان فيها الرفاق داخل المدينة يتهيأون للعودة الى بارزان، حدثت بعض الحوادث في مدينة اربيل مثل تفتيش بعض الاحياء من قبل قوات النظام مثل (كوران وكريكاران، حي صدام،  وعدة احياء فقيرة اخرى) ووقوع الرفاق (داؤد وملازم ارام) في كمين، مع تشدد النظام وزيادة نصب الكمائن...الخ، وكان الحدث الاهم هو وقوع الرفاق (داؤد وملازم ارام) في كمين كان سببا باستشهاد الرفيق (ملازم ارام) والذي له صلة مباشرة او غير مباشرة بموضوعنا لذا ارتأيت انه من الضروري الكتابة عنه والذي كان بشكل عام كالتالي:

بعد ان ارسل الرفيق (ملازم ارام) مثل الرفاق الاخرين بمهمة خاصة من قبل (ابو حكمت) للعمل داخل المدينة، ياتي الى المدينة ويقيم صلة بالرفاق، بعد ان يلتقون، يتحدث لهم عن طبيعة مهمته، ويطلب منهم التعاون والتنسيق، بحكم كونهم قبله في المدينة، ولهم معرفة اكبر بالمدينة، يبدون استعدادهم، ويخيروه في تشخيص المهمة والتفكير وكيفية تنفيذها وهم ايضا يبدون استعدادهم الكامل للتعاون معه.

بحكم كون ملازم ارام ( قد تخرج من الكلية العسكرية قسم المتفجرات) لذلك فان اول عمل حاول القيام به في قلب اربيل هو تفجير القطار الذي كان وقتذاك يسير بين بغداد واربيل يوميا، بعد اتمام  التهيؤ واستكمال متطلباته، يطلب من الرفيق (داؤد) التعاون معه والاشتراك في هذا النشاط، عندها يتصل (داؤد) بمسؤوليه ويطلب منهم الاذن بالاشتراك بهذه العملية، ويبدي استعداده ويحددون الوقت والمكان ، وفي ليلة (6-7 \11\1984) يلتقون في بيت احد اقارب داؤد ويذهبون مبكرين صباحا الى المكان المحدد وينفذون عملهم، وفي طريق العودة، يطلق عليهم النار، ليفترق الرفيقان كل باتجاه...

في هذه الليلة، كان الرفيق بريار لوحده في بيتنا، قبل اصوات اطلاق النار بقليل، خرج من البيت، وقال لي سأذهب الى المكان الفلاني، عندما سمعنا اصوات اطلاق النار، خفنا كثيرا، ان يكون هو من تعرض لاطلاق النار!!!

بعد شروق الشمس، استقليت سيارة اجرة وتوجهت الى المكان الذي اشار اليه، والذي كان بيت عمتي، في حي العمال، عندما وصلت البيت، وجدته هناك. واستفسرت منه عن اطلاق النار، قال (يقال ان رفيق داؤد وارام قد وقعا في كمين، وقد ارسلت عبد الله ليتابعهم، ويأتي بهم الى هنا). بعد الفطور، حوالي الساعة الثامنة والنصف والتاسعة صباحا، اتى (عبد الله وداؤد) الى البيت الذي كنا فيه، ويبدو ان الرفيق داؤد قد جرح جرحا خفيف في يده، وروى لنا ماجرى.

بعد ان استقلوا سيارة اجرة، للذهاب الى المكان الذي كانوا قد حددوه، وهو مكان شارع ستين والذي يؤدي الى مقر رئيس الاقليم حاليا، نزلوا من سيارة الاجرة حسب قول رفيق (داؤد)،عندها يلاحظ سائق التكسي ان الرفيق ارام يحمل مسدسا، يبدو انه يشك في امرهم، وان وضعهم غير طبيعي، ويسألهم، (بهذا الصباح اين انتم ذاهبون) ، فيجيبوه بشكل طبيعي، لدينا عمل نريد ان نقضيه، ويبدأون بالمسير بمحاذاة سكة القطار، الى ان يصلوا الى محطة القطار، يقوم الرفيق ارام، بوضع القنبلة في المكان المناسب، والرفيق داؤد يراقبه، بعد انتهائهم ، يعودون بنفس طريق ذهابهم،(بقناعتي، انه خطأهم القاتل)  في نية ان يعودوا بسيارة اجرة الى مكان الذي يريدون الذهاب اليه.

عندما يصلون الى شارع ستين، بالضبط في دوار الملعب حيث كان يحوي في ذلك الوقت على بعض الورود والثيل، ويبدو انه لتزيين المكان قد وضعوا اكواما من التراب، عندما يصل الرفاق الى جهة محلة ازادي، يخرج اليهم شخصان من خلف كوم التراب ويتقدمون نحوهم، ويطالبانهم بالتوقف، وبطريقة ما يتقربون منهم بحيث لم يبق بينهم الا امتار معدودة، يبدأ الرفيق داؤد باطلاق النار عليهما مياشرة ليطرحهما ارضا، ومع الرفيق ارام ومع اطلاق النار ، يتجه كل منهما الى جهة مختلفة محاولين النجاة بنفسيهما، يبقى الرفيق داؤد على شارع ستين باتجاه محلة كوران، ويختفي في اول زقاق يصادفه، في هذا الوقت يجرى اطلاق نار كثيف عليه، وفي زحمة اطلاق النار يصاب في يده،  كيفما كان يستطيع ان يخلص نفسه ويبتعد بنفسه عن المكان بين البيوت، لكنه لا يعرف ما حل بالرفيق ارام.

 بعد ذلك ذهبنا الى المكان، وعلمنا من بعض الناس، ان الرفيق ارام عند اطلاق النار، يتجه باتجاه محلة ازادي، كانت المسافة طويله، وليس هناك اي زقاق قريب، وعند ركضه اصبحت المسافة بينه وبين الكمين بعيدة بحيث انه لم يعد هناك اي تأثير لمسدسه على الكمين، لذا اصبح هدفا سهلا لمطلقي النار الذين كانوا خلف الساتر الترابي، الذين كانوا بالاضافة للاثنين الذين اطيح بهما من قبل الرفاق، يعني ان الكمين كان مكونا من اربعة اشخاص،  عندها يصاب الرفيق ارام امام الدكاكين التي لاتزال موجودة حتى الان ويستشهد في الحال .

في ذلك الوقت لم يكن هناك شكوك ب (ممو) وكان الامر يبدو وكأنه حدث مصادفة، حتى انه بعد يوم او يومين، في بيتنا كان      ( رفيق داؤد) يروي بتفصيل شديد الاحداث ل(المذكور).

 يبدو انه في اليوم التالي، يجدون بالقرب من جثمان الشهيد ارام بعض بقايا (تي ان تي) ليستدلوا على العمل الذي قام به، وبلا ضوضاء يبطلون عمل القنبلة.

من الجدير بالذكر،انه بعد القبض على الرفاق وكشف ان (المذكور) كان مدسوسا من قبل الامن في وسط الحزب، وجهت اصابع الاتهام اليه في هذا الكمين وفي استشهاد الرفاق. بغض النظر عن مسألة كيفية كشف العملية  للنظام ومن هو الذي قام بذلك، بقناعتي ( فقط لو لم يعودوا من نفس الطريق الذي ذهبوا به الى المحطة ، بلا شك، كانوا سيخرجون ببساطة، وعملهم في تفجير قطار اربيل بغداد كان سينجح.)