مجدداً تصولُ غربانُ الشر والجريمة الداعشية في أرض الرافدين؛ وهذه المرة تهاجم فيها أتباع الديانة الأيزيدية المسالمين، في محاولة منها لاقتلاعهم من أرضهم التي عاش فيها أجدادهم تاريخا يمتد لآلاف السنين. ولم يكن هذا ليحدث لولا سيادة الطائفية وتلك الأخطاء والخروقات الخطيرة بالمؤسسة العسكرية والتهاون الحكومي عن أداء الواجبات وعدم اتخاذ موقف الحسم والعودة لميدان يفرض لزاماً عليها أن تنهض بتحريره بعد انسحابها غير المبرر وتركها السلاح لقوى الإرهاب والخراب!
لقد تعرّض الأيزيديون لجريمة استباحة؛ ما دفع المدنيين العزّل للتوجه إلى الجبال علّها تعصمهم من طوفان الجريمة الآسن ومقاتلي الغزاة المجمَّعين من كل حدب وصوب بقصد تمزيق البلاد وإبادة مكوناتها...ولم تسلم مئات العوائل وآلاف من الأطفال وكبار السنّ من أهوال تلك الجرائم النكراء كما لم تسلم النسوة والفتيات والصبايا من جرائم الاختطاف والاغتصاب والحجر لبيعهنّ في أسواق نخاسة دولة ما يسمونها الخلافة وهم الأقرب فعليا لخلافة أزمنة العبيد والظلم والضيم، أزمنة الطائفية وحروبها وجرائم الإبادة التي ارتكبتها عصور كهوف الظلام والتخلف ووحشية البدائية وهمجيتها..
إنّ وجود قوات داعش يصبُّ في ذات الاتجاه لوجود ميليشيات الطائفية المتطرفة المتشددة وأهوال ما ترتكبه من جرائم حيث تشكل الحليف الطبيعي لجرائم الإرهاب التي لا تقود إلا إلى تقسيم البلاد وتمزيق المجتمع ولكن ما يهمنا هنا بوجه عاجل: هو تنبيه المجتمع الدولي إلى أن السياسات التي جرى العمل بها لن تبقى محاطة بأسوار جغرافيا تجتاحها جراثيم طاعون داعش المدربة والممولة من جهات لم تعد خافية على شعوبنا الأمر الذي يحمّلهم مسؤولية المشاركة بوجه داعش والإرهاب...
ونحن إذ ندين الجريمة ونستنكرها، نعمل مع (كل) الأطراف المعنية لوضع البدائل الجدية القائمة على فعل أممي تقوده المنظمة الدولية للتغيير الشامل في البلاد، على أن تكون (أولى) الخطوات العاجلة والفورية ممثلة بإنقاذ أتباع الديانات والمذاهب التي تتعرض لجرائم الإبادة اليوم...
ونحن نرى الحل بسرعة إيصال مواد الطوارئ من خيام وأبنية جاهزة ومن غذاء ودواء ومن ثم تطهير البلاد من قوى الإرهاب وإعادة مواطني العراق إلى بيوتهم والشروع بإعمار ما تمّ تدميره وتخريبه وتعويض الضحايا وعدم إغفال التحقيق ومحاكمة الجناة كل بحجم جريمته...
إن المهمة التي تواجه الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم تكمن بمزيد التنسيق الأمني والعسكري السريع لمواجهة قوى الإرهاب وكسر شوكتها قبل أن تتمدد أكثر فأكثر وتطرق أبواب الإقليم والعراق كله.
سلم أهلنا الأيزيديون وهذي أروع آيات التضامن نسطّرها اليوم داعين لتجديد المظاهرات واستمرارها في مختلف البلدان تعزيزا للتضامن الأممي وتوجيها لأنظار المجتمع الدولي...
وإننا في وقت نشدّ على أيادي قوات البيشمركة التي تتقدم لتطهير المدن المحتلة من الغزاة الإرهابيين بمؤازرة جدية فاعلة ومؤثرة من قواتنا الجوية، نصرخ بوجه العالم أنْ: تذكروا زمار وسنجار ووانة اليوم قبل فوات الأوان، فالمعركة مع الإرهاب وجرائمه معني بالوقوف بوجهها المجتمع الدولي برمته الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات إنقاذ سريعة للمدنيين المحاصرين؛ و نُطالب مجدداً ايضا بإتخاذ إجراءات دولية سريعة تقرأ ما حصل قبل هذه الجريمة بحق الأيزيديين للمسيحيين من أبناء الموصل والعالم مازال متلكئا في التدخل الحازم المنتظر. كما نطالب بسرعة كشف الحقائق في ضوء التحقيق الذي صدر الأمر به ومحاسبة المقصرين وإصدار العقوبات القضائية الصارمة بحق أي حالة تثبت بمجريات التحقيق العادل...
إننا نتطلع إلى تضافر جهود جميع المعنيين بعيدا عن الخلافات والاختلافات السياسية الضيقة وواجب الارتقاء بتحشيد كل القوى من دون استثناء مؤازرين كل جهد شارك اليوم في استعادة المبادرة مطالبين بتعزيز التنسيق المؤمل ووحدة الصف بوجه الإرهاب.