أقامت رابطة الأنصار الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم وشمال السويد وبالتعاون مع سنسوس، في منطقة وسط مدينة ستوكهولم، أمسيتين فنيتين يومي الجمعة والسبت (3 – 4 / 6 / 2016)، اختتمت بهما نشاطاتها الثقافية لهذا الموسم، فاستضافت في الأمسية الأولى الفنان التشكيلي والكاتب في تاريخ السينما الكلاسيكية الفنان حميد المشهداني، القادم من برشلونة في اسبانيا، التي أدارها الشاعر محمد المنصور، وفي الأمسية الثانية استضافت الفنان التشكيلي والكاتب المبدع يحيى الشيخ، القادم من ترولهايم في النرويج، التي أدارها الإعلامي محمد الكحط، وتحدث الضيفان عن تجربتهما الفنية ونتاجاتهما الإبداعية.
الفنان حميد المشهداني
الفنان حميد المشهداني من مواليد بغداد (1952) وفيها أنهى دراسته الثانوية، ظهرت قدرات المشهداني وموهبته الفنية في وقت مبكر من حياته، وهذا ما دعاه لدراسة الفن في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام (1973)، وتتلمذ على يد خيرة أساتذة الفن التشكيلي في الأكاديمية، وتخرج منها عام (1977)، وفي صيف ذلك العام (1977) غادر الفنان العراق في رحلة غربة طويلة، امتدت منذ ذلك العام وحتى اللحظة، حيث توجه وقتها إلى فنلندا وبعد وقت قصير غادرها متوجها إلى اسبانيا، حيث استقر هناك حتى الآن، أي منذ حوالي الأربعة عقود، بين أعوام (1977 - 1982) واصل المشهداني دراسة الفن في معاهد وجامعات اسبانيا، وفي اسبانيا استقر الفنان حميد المشهداني في مدينة برشلونة، منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، شارك وأقام المشهداني العديد من معارض الرسم، كان أولها معرض كالري اتحاد في بغداد عام (1976)، وأقام عدة معارض للرسم في مدريد بين عامي (1978 - 1982)، وتواصلت نشاطاته الفنية في إقامة المعارض الشخصية، والمساهمة في معارض مشتركة مع فنانين معروفين، منذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحالي، حيث انتهى الفنان من معرضه الأخير الذي أقامه في برشلونة منذ أسبوع تقريباً، كذلك أقام وشارك في معارض للرسم في المدن التالية: (لندن، دبي، صوفيا، هلسنكي، باريس، روما، ومدن إيطالية أخرى)، عدا عن المعارض التي يقيمها أو يشارك فيها في محل إقامته في اسبانيا، الفنان حميد المشهداني كاتب نشيط في السينما الكلاسيكية في موقع إيلاف الإلكتروني، حيث كتب عن العديد من جواهر السينما الكلاسيكية بحثاً وتحليلاً.
الأمسية الأولى
دار الحديث في هذه الأمسية عن ذكريات الزمن الجميل في عقد السبعينات من القرن الماضي، التي طبعت أعمال المشهداني الفنية بطابعها المحبب لديه، فكان الجسر والنهر وصخب النوارس عند الغروب، مدخلاً للحديث عن زيارته إلى العراق بعد الحرب الأخيرة، حيث تحطمت أماله عند حطام الجسر الغارقة في النهر، وتلاشت أحلامه بعراق يسوده الحب والسلام، ليعود أدراجه إلى منفاه ثانية، ويواصل أعماله الفنية في التزاوج بين المدرستين الشرقية والغربية في الفن التشكيلي، ويواصل كتاباته البحثية عن السينما الكلاسيكية، التي لا يرى في السينما الحديثة بديلاً لها.
يقترب الفنان حميد المشهداني من البيئة المحلية العراقية، ويبتعد عنها في ذات الوقت إلى الفضاءات الأوربية، ثم يزاوج بينهما في سياق حداثي، ليخلق من جماليات الصورة، رموزاً تبوح بما يكتنز صدره من أسرار، لأن أعمال الإنسان تشي بهويته الحضارية.
الفنان يحيى الشيخ
ولد يحيى الشيخ في ميسان عام (1945)، وأكمل دراسته الثانوية في مدينة العمارة، تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام (1966)، اشتغل بعدها مدرساً للفنون في السعودية وصائغاً في البحرين حصل على الماجستير في فن الجرافيك (الطباعة اليدوية) عام (1970) من أكاديمية الفنون في (لوبليانا) في يوغسلافيا سابقاً، عاد إلى العراق واشتغل مصمماً في وزارة الإعلام، تمييز بنشاطه السياسي والمدني في مجال الفنانين، شارك في أول معرض عالمي للجرافيك وكان طالباً عام (1965)، ثم شارك في عديد من المعارض العالمية للجرافيك والبوستر في: (يوغسلافيا، بولونيا، فرنسا، الأرجنتين، وألمانيا) وفي المعارض الوطنية داخل العراق وخارجه، حصل على جوائز عدة في مجال تصميم البوستر، صمم عدد من دواوين الشعر المهمة في السبعينات، والتي انطوت على تخطيطاته الجرافيكية (الجواهري، بلند الحيدري، البياتي، عبد الرزاق عبد الواحد، مؤيد الراوي) وغيرهم، أقام أول معرض شخصي له عام (1971)، بعده أقام (24) معرضاً شخصياً في مختلف البلدان مثل: ( لبنان، الأردن، عُمان، ليبيا، تونس، سوريا، فرنسا، بريطانيا، فنلندا، والنرويج)، عام (1984) حصل على دكتورة علوم الفن من موسكو، واشتغل أستاذاً للفنون ونظرياتها في ليبيا، ثم النرويج حتى تقاعد عام (2012)، أصدر عام (1985) قصة للأطفال بعنوان (الذهب)، ثم (مبررات الرسم) عام (2012)، وفي نفس العام (سيرة الرماد)، في عام (2015) مجموعته القصصية الأولى (ساعة الحائط)، وروايته الأولى (بهجة الأفاعي) عام (2016)، يعد للطبع ديوانه الأول (أمشي بلا هوادة حتى أختفي) ومجموعته القصصية الثانية (إخطبوط في صحراء).
الأمسية الثانية
تركز الحديث في هذه الأمسية على المسيرة الفنية للمبدع يحيى الشيخ، ابتداء من أواخر الخمسينات وما رافقها من منعطفات سياسية، كان لها أثرها البالغ على العملية الثقافية برمتها، مروراً بمراحل الدراسة في الخارج وما نهل منها، ومن ثم السير في دروب الغربة الوعرة، حتى استقر به المطاف في النرويج، وقد عزز هذا الحديث عن رحلته الفنية الطويلة بعرض سلايد لمجموعة كبيرة من أعماله الفينة، مع شرح سريع لكل عمل فني وسنة تنفيذه، بطريقة سلسة وممتعة جداً، شدت الجمهور إليه وتفاعل معه من خلال التعليق والاستفسار، ثم واصل الشيخ إبداعاته بقراءات شعرية، كانت نصوصها عميقة جداً وصورها الشعرية قريبة إلى النفس، وفيها الكثير من الخيال الشعري.
بهاتين الأمسيتين الفنيتين، تختتم رابطة الأنصار الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم وشمال السويد، نشاطاتها الثقافية لفصل الربيع، على أمل أن تواصل برنامجها الثقافي في شهر أيلول القادم.
محمد المنصور
تصوير: باسم ناجي