حازم كويي
بمناسبة الذكرى الخمسين للاحتلال الاسرائيلي عقدت ندوة في برلين اواسط شهر آذار الحالي2017 حاضر فيها الرفيق نعيم الاشهب، حيث قدمه في البداية السيد رائف حسين رئيس الجمعية الالمانية الفلسطينية ، استعرض المحطات النضالية للاشهب(88عاما) كشخصية عاشرت القضية الفلسطينية ,فهو من مواليد الخليل ،سكنة القدس ،اعتقل بعد الاحتلال في 1968 وابعد عن الوطن في 17.8.71 ثم عادها في عام 1993 وهو عضو مؤسس للحزب الشيوعي الاردني وعضو في مكتبها السياسي ولجنته المركزية ،والعمود الفقري للحزب الشيوعي الفلسطيني ،كاتب وصحفي له 20 كتابا ودراسات فكرية عن اليسار.
استهل الاشهب حديثه مذكرا بتضحيات الشعب الفلسطيني خلال 50 عاما ،الذي لم يبخل بها ،فهو مسرف في التضحية ،فالمقاومة التي بدأت كانت ظاهرة براقة ورد على العدوان والهزيمة وبشكل جماهيري وشعبي ولعبت دورا مهما في اعادة ابراز الهوية الفلسطينية ومع هذا فقد اصابها الفشل بسبب الخلل في القيادة واستناداً الى ما قاله احدهم ،انا لااخشى بيت من الاسود يقوده خروف ،لكن الخشية عندما يقودها اسد.
فالقيادة نشأت في الخارج واستلمت فتح القيادة بصياغة برنامج من ان المنظمة تدخلها منظمات مسلحة عسكرية ولايقبل بالتنظيم السياسي مع تحريم النضال السياسي ،كل شئ ياتي من فوهات البندقية وان العمل العسكري المسلح هو استراتيج وليس تكتيك.
وطغت الفكرة العسكرية على الاطلاق واهمل السياسي ،بعدها جاءت الصحوة وانتبهوا الى السياسي مع اضافات الشرعية الدولية .
والتقييم الآن بعد 50 عاما ،لم يتحرر شبر من الارض ،وكانت هناك معركتين دفاعيتين فقط هي معركة الكرامة 1968 ومعركة بيروت غير المتكافئة مع بطولاتها ،وخرجت المنظمة من بيروت دون مكاسب للقضية الفلسطينية .
بدأ العمل السياسي يحقق شيئاً في الداخل عام 1967 حيث جرى اول اضراب في القدس التي تشكلت من لجنة تنظيم وطني لايقاف الهجرة والنزوح.وبعد حرب 73 بدأ الشيوعيون محاولة بناء جبهة وطنية.وجرى التعبئة لها بخوض الانتخابات فكانت النتيجة باهرة وتشكلت حصون ضد الاحتلال واصبح الادراك بالعمل السياسي الداخلي وقرارات الشرعية الدولية .
ثم انفجرت الانتفاضة كانعطاف هائل بددت فيها اكاذيب اسرائيل .وفي عام 1988جرى تبني اقامة دولة فلسطين في الضفة والقطاع ولم تتوفر للعمل العسكري ظروفه الخاصة ،فالانتفاضة الاولى ابدعت فيها الجماهير وفي كافة المجالات واهمها التضامن الاجتماعي ،وحوربت المخدرات وصار الزواج دون مهور عالية .
القيادة الفلسطينية اصيبت بالرعب وخافت من انتزاع شرعيتها ومن شعب الداخل الذي لايمكن ان يطعن من الخلف،وكان الهاجس للسيطرة على الانتفاضة فعُسكرت وانهت الصفة الشعبية الشاملة لها وتدفق المال اليها ،لكن الانتفاضة استفادت في اوقات المفاوضات الاسرائيلية برعاية اميركا مع الفلسطينيين في اسبانيا ومن ثم في واشنطن برزت فيها كفاءة حيدر عبد الشافي .لكن الذي حدث بعد عدة سنوات من المفاوضات هي الاستجابة لتنازلات في اوسلو السرية والتي ارادت ان تكون المفاوضات طويلة ،فلم يتم الصبر وجرى الانتقال الى الداخل وبدأ ببناء جهاز فوري مع البيروقراطية ،التي وصل عددها الى 180 الف عسكري ومدني بفهم مغلوط وخلقت وقائع يفرض فيها القوي على الضعيف.
ما ُبني في تلك الفترة مسحها شارون رئيس الوزراء الاسبق .والمصيبة هي حالة الشلل وبالتحول الى شحاذين عالميين ،فالمصادر هي اميركا ،اوربا ودول الخليج وهؤلاء لهم شروطهم ،في حالة الخروج تغلق الحنفية ،اضافة الى النهب والسرقة فماعادت القضية الوطنية الهم الاساسي رغم مسؤولية ابو عمار الذي لم يكن مستعدا للرضوخ ،فاللجوء الى البندقية جريمة اعطت اسرائيل فرصة ذهبية فاستعملوا الدبابات والسلاح الثقيل كتبرير واعيد الاحتلال الكامل.وحين اعلن ابو مازن الكفاح المسلح ،أعتبر ذلك ارهاب ،فلم تتحرك الانتفاضة وكذلك المقاومة الجماهيرية ،فقط كلام في ذر العيون.
فالفلاح على سبيل المثال يسكن في مكان واراضيه في مكان آخر ،والوضع اصبح في حالة شلل كامل ومنذ اكثر من 20 عاما من المفاوضات وباشراف اميركي ،يعلنون فيها موقفهم صباحا ومساءا مع اسرائيل (43 اربعين فيتو لصالح اسرائيل) مقابل مرة واحدة امتنعوا .
نتانياهو يريد دولتين على غرار الابارتهايد في جنوب افريقيا سابقا وعلى شكل غيتوات .
فاذا انهار نظام الابارتهايد فذلك يعني دولة ثنائية قومية ،حينها ينتهي دور اسرائيل في المنطقة ،والعلاقة بين اسرائيل واميركا ليست على اساس عواطف ،معروف عنها انها صفقة تجارية والدليل اتفاق اوباما مع نتنياهو بمساومات ،اميركا نفسها تضطهد اليهود على ارضها.
فالمفاوضات ولحد الآن محصورة بين الذئب والحمل وباشراف اميركي وبلا نتائج ،اي انه في حالة شلل ولاتتحمل ذلك قيادةالسلطة لوحدها ،بل بقية المنظمات ومنها اليسار كونه مرض موجود عندنا ،فالهم الاساسي هو المقياس بما يأخذ كل طرف نصيبه،ويوزع المال حسب المزاج في حالات الزعل .
المنطقة في محورين ،محور نواته سوريا ،ايران وحزب الله ،الآخر هو السعودية .والمنطق يقول الوقوف مع الذي معنا وليس من يدعم اسرائيل ،لهذا علينا ان لانكون جزء من المحاور .
اسرائيل تقول انها تعمل على تسوية مع العالم العربي ومنها انسحابها من غزة كجزء من مخطط مهد لانشقاق 2005 وحماس حققت نتائج معروفة والانقسامات في فتح لاحدود لها.
اسرائيل معنية ببقاء حماس ضعيفة ،التي يجري ضربها كل سنتين ،وحماس تغازل والشعب يقاسي ،والواقع هو انعدام الحركة الكاملة،عرفات جرت تصفيته وابو مازن في حالة شلل.
السؤال هل فقد شعبنا الآمال ؟ بالعكس فلا زال الرهان على صمود شعبنا رغم ان سياسة السلطة لاتدفع نحو ذلك بسبب الفارق الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء والذي يتضاعف ،توجد هناك شريحة فوقية فاحشة والمفروض تقاسم اعباء المعركة على الفلاحين والكسبة ،فهم الشوكة ضد اسرئيل كونهم في الداخل وحيث ازدادت نسبة السكان الى 2 مليون نسمة ،فالنظام العنصري لن يصمد ،وان نقول دولة فلسطينية مستقلة معترف بها عالميا والامم المتحدة نتيجة صمود الشعب مع المتغيرات في المنطقة والعالم التي تشير النتائج فيها ضد سياسة اسرائيل واميركا ،وفي حالة عدم قيام مصالحة مع الشعب الفلسطيني فان زما م المبادرة ستخرج من قبضة القوى الرجعية وتكون بأيدي القوى الثورية وشروط هذه المصالحة بأن تكون مصالحة تأريخية مع الشعب الفلسطيني ،وان يكف العدوان والتوسع .
بعد ذلك وجهت الاسئلة والمداخلات ، اجاب عليها بصراحة ونقد موضوعي .