ربيع الشعراء قنطرة للتواصل مابين الشعوب (2 ) د. رابحة مجيد الناشئ

يواصل بيت الشعر في مدينة ﭙواتيه الفرنسية رحلته الشعرية.  ففي يوم الجمعة 5 نيسان وفي مكتبة المغامرة الجميلة، كان اللقاء بالشاعر البلجيكي الناطق باللغة الفرنسية كارل نوراك

بعد تكوين مهني كأستاذ في اللغة الفرنسية وكمنشط ثقافي، يكرس الشاعر وقته الآن للشعر والرسوم المتحركة والكتابة للمسرح.

قرأ كارل بعض القصائد من مؤلفاته العديدة والموجهة في الغالب للشباب وللأطفال وعلى الأخص

ديوانه المنشور في سنة 1996 والمعنون: الكلمات الرقيقة. وقد لاقى هذا الديوان نجاحاًعالمياً كأفضل كتاب موجه للأطفال، وفيما يلي ترجمة لإحدى قصائِد هذا الديوان: -

قصيدة المحفظة الحالمة:

بينما كُنتَ

على الشاطئ، هذا الصيف

أو في الغابة، هل تَخيلتَد.

رابحة مجيد الناشئ

بأَنَ مِحفظتك كانت تَحلم؟

كانت تحلم بأنها تبتلِعُ

أقلام الرصاص والدفاتر

ثم تذهب، كما الطائر

نحو طريق المدرس

                                                                                                                                         

السبت 6 نيسان، استضافبيت الشعر الشاعرتان الفرنسيتان الشابتان " أنّا دو ساندر"

بالشعراء المبتدئين وتشجيعهم على المواصلة. في إطار أحد أهدافه للتعريف و" ميلَن جوبرت "

تكتب أَنّا دو ساندر الشعر بشكلٍ أساسي كما أنها تكتب القصص القصيرة ومن ضمنها قصص للأطفال.  تدير كذلك ورشة للإلقاء الشعري ويمتاز اسلوبها بالبساطة والسلاسة والجمال. 

أمّا ميلَن جوبرت، فإن تَفتّح قريحتها الشعرية يعود إلى مرحلة المتوسطة، إلا أنها لم تنشر إلاّ ديواناً واحداً   بيضاء. في عام2011  بعنوان :

تقص علينا ميلَن في مجموعتها الشعرية بيضاء حكايا عن فتيات....عن صَبية ممزقة بأشواك الحياة... عن امرأة مُذلَّة وَمُحقَّرة....عن الوضعية البائسة للنساء المهمشات والمضطهدات، ويمزج شعرها ما بين الذكريات والرؤى الحساسة، ويفتح الباب على المعاناة والجراح والثورات، ولكن أيضاً على الأحلام ولآمال من أجل ولادة جديدة.

الأربعاء 24 نيسان وفي إِحدى قاعات مكتبة فرنسوا ميتران أقيمت أمسية شعرية للشاعرة الكولومبية      " ميريام مُنتويا " .

ولِدت الشاعرة في كولومبيا، إلا أنها تعيش في پاريس منذ عام 1994. بالإضافة للشعر، تكتب ميريام القصص القصيرة. ومن ضمن أعمالها:-

- زهرة الرفض

- آثار

- تأتي مع الليل

- اقتلاع

- هروب

قرأت ميريام قصائدها باللغة الإﺳﭙﺍنية، وقُرِأت الترجمة إلى الفرنسية من قبَل كرستين و روزالعضوتان في بيت الشعر.

تحدثَت الشاعِرة عن أشكال العنف والاستبداد الدكتاتوري....عن الاعتقال، عن غياهب السجن، عن العزلة، عن الحب المكبوت....لكنها لم تتوانى عن طرح موضوع الحلم والأمل.

في إحدى قصائدها تصف ميريام مَشاعِرها وهي تزور حبيبها في السجن:

هم يخشون ان كُنت

أخفي في الفاكهة مفتاحاً سحرياً

يَفتحُ باب سِجنَك

يَشمونَ رائحة سرٍ في حقيبتي     

لأنهم يعبثونَ ويحطمونَ كل شيء

وَمع ذلك هُم يَجهلون

بأني أُخبئُ جناحيكَ تَحتَ ثوبي

الخميس 2 آيار كانت الأمسية الأخيرة لبرنامج ربيع الشعراء  في مدينة ﭙواتيه، كرسها بيت الشعر لاستضافة نساء من العالم العربي:

 شاعرة من أصل سوري، " فاتنة الغرة " شاعرة وصحفية من فلسطين "، " مَرام المصري"

و" هند زواري " موسيقية من تونس.

، كانت هي الاخرى ضيفة هذهِ الأمسية. " ساندرين كلاراك " الممثلة الكوميدية الفرنسية

بعد الترحيب الحار بهؤلاء النساء المبدعات وتقديم نبذة مختصرة عن كل واحدة منهن، تحدثت الشاعرة مرام المصري عن محنة الشعب السوري مُبديةً تضامنها التام مع هذا الشعب الذي يستحق أن يعيش في وطن تسوده الديمقراطية والسلام الاجتماعي.

ولِدت مرام المصري في سوريا – اللاذقية في سنة 1962 وَتعيش في فرنسا منذ عام 1984.

تحدثت مرام عن تجربتها الشعرية منذ عام 1984حيث أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى:-

أُهدّدك بحمامةٍ بيضاء ".   "

بعد هذهِ المجموعة أصدرت عَشرات المؤلفات وكان آخرها أَنتولوجي ( مختارات ) لنصوص شعرية لشاعرات من العالم العربي صدر في عام 2013 وباللغة الفرنسية: نِساء شِاعرات من العالم العربي

تحدثت الشاعِرة  بإسهاب عن هذا المؤلف الذي ضم بيت طياتِه نصوصاً شعرية ﻟ 50 شاعرة تَرجَمَتها مرام من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية، مُبديةً إعجابها بالشكل والمضمون لقصائد الشاعرات. ورداً على

استفسار من قبل جمهور الأمسية عن معايير اختيار شاعرات بالذات دون غيرهنَ ( حيث توجد شاعرات أكثر شهرة ) أجابت الشاعرة : ‹‹ أَردتُ بهذا أن أكشف عن أصوات شعرية جديدة وأعطي فرصة للتعريف بشاعرات غير مَعروفات، لأن المعروفات واللواتي لهن شهرة واسعة لسنَّ بحاجة لي ››.

قرأت مرام بعضاً من قصائدها المعبرة عن عواطفها الجياشة، عن الحب وعن الرغبة، عن الألم والحنين وعن التمرد على كل المحظورات الممارسة ضد المرأة في المجتمعات العربية، بكلمات رقيقة ناعمة وباسلوب جميل. ثم قرأت قصائد لبعض الشاعرات من العراق وسوريا ولبنان والسعودية واليمن والصومال والبحرين والمغرب العربي...باللغة العربية، تاركةً قراءة ترجمتها باللغة الفرنسية للممثلة الكوميدية الفرنسية ساندرين كلاراك القادمة من پاريس خصيصاً لهذا الغرض .

إحدى نساء " أنتولوجي" مرام المصري والحاضرة في هذه الأمسية، هي الشاعرة والصحفية الفلسطينية فاتنة الغرة الوالدة في قطاع غزة عام 1974والتي تعيش الآن في بلجيكا. لفاتنة الغرة عدة مجاميع شعرية، كان آخرها " خيانة الرب " والذي نشر في القاهرة عام 2011.

قرأت فاتنة مجموعة من قصائدها وأدهشت الجمهور الحاضر بجمالية الإلقاء وبلغة التمرد التي تجيدها في التعبير عن الواقع الظالم في كل مناحيه، ولكن بلغة سلسة لذيذة.

أميرة القانون هند زواريللعلاقة الحميمية ما بين الشعر وما يجاوره من مساحات إبداعية كالموسيقى، كل قصائد الأمسية صاحبها العزف الرائع على القانون ﻟ هند زواري الملقبة هنا في فرنسا بأميرة القانون.

ولِدَت هند في مدينة صفاقس في تونس عام 1981، تعيش الآن في پاريس، وهي تنحدر من عائلة

موسيقية، وقد تتلمذت منذ الصغر على يد أَبيها الموسيقي عازف القانون. وفي عمر اﻟ 13 سنة، حصلت زواري على الجائزة الأولى للمهرجان الموسيقي للأطفال في كرام( بالقرب من قرطاج ). في خلال الأمسية

غنت هند بصوتها العذب الرخيم بعض أَغاني فيروز وأُخرى من تلحينها الخاص فأطربت السامعين.

تمتع جمهور الأمسية ( جله من الفرنسيين ) بهذه الرحلة الشعرية الساحرة المفعمة بالصور الرائعة عن الحب، عن الأمومة، عن النخيل، عن أكاليل ورود القرنفل وعن أوراق النعناع. كما تفاعل مع مطالب الشاعرات بالحرية والكرامة ومع ثورتهن على المحظورات الاجتماعية والدينية.

وكخاتمة لهذهِ الأمسية الجميلة، قرأت الشاعرة مَرام المصري قصيدة عن الغربة والاغتراب من ديوانها المعنون- " تصل عارية...الحرية " الصادر في آذار 2013 :

نحن المغتربون

نعيش على حبات المهدئات

وطننا أصبح الفيس بوك

يفتح لنا السماء المقفلة           

في وجوهنا

عند الحدود

نحن المغتربون

ننام حاضنين

هواتفنا الخلوية

وعلى ضوء الشاشة

 اﻟﻛمـﭙيوتر

نغفو حزناً

ونفيق أملاً

نحن المغتربون

نحوم حول بيوتنا البعيدة

كما تحوم العاشقات

حول السجن

بأمل أن تلمحن

ظلال أحبتهن

نحن المغتربون

مَرضى بمرض عضال

حب الوطن

وضع في مَزاد الموت

هكذا انتهت فعاليات ربيع الشعراء لهذا العام، بعد أن جعلتنا نطوف برحاب الشرق والغرب وبرحاب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، بتخطٍ للحدود والحواجز، بانيةً جسوراً للمحبة والتفاهم والسلام... فالشعر لغة عالمية مشتركة بين الشعوب.