عندما بحث لينين حل مسألة القومية في روسيا اعتمد عدم الالتزام بالحدود الإدارية القائمة لعدم تطابق الحدود الإدارية والحدود القومية على الأرض .
وبالرغم من بساطة الحدود القومية آنذاك فقد برزت تعقيدات كبيرة ونقاط مختلف عليها وربما عصية عن الحل ومثال ذلك – ناغورني كرباخ - أما اليوم وبعد أن حدثت هجرات داخلية كبيرة في الدول متعددة القوميات وأحياناً إجراء التغيرات الديموغرافية بشكل قسري في مناطق التماس ومثال ذلك – إجراءات صدام حسين في كركوك – فإن مسالة حل المسألة القومية الكوردية سبيلاً في مصاعب كبيرة جداً .. في العراق ما زالت مسألة كركوك المعقدة عصية عن العمل بسبب موقف كل من الإقليم والمركز وهنا يلعب العامل الاقتصادي دوراً مهماً في تعقيد المسألة ويضاف إلى ذلك الدور التركي الذي ينصب نفسه وصياً على الجالية التركية في المدنية . أما في المناطق الأخرى حيث وجود غالبية كوردية في أطراف الموصل وشنكال وخانقين والتي تتبع إدارياً إلى المناطق التابعة للمركز ما زالت المسألة بين أخذ ورد بين الطرفين . إن الغاية من حل المسائل القومية في الدول متعددة القوميات هو رفع الظلم عن الأقلية القومية وإذا لم تحل مسالة الحدود في تلك الدول بشكل عادل سيلحق ظلماً مزدوجاً بتلك الأقليات . في سورية حيث التوزع الكوردي في المنطقة الحدودية مع تركيا كون هذه المناطق هي جزء من الوطن الكوردي الذي جزأه سايكس بيكو بداية القرن الماضي وحيث نجد فاصل حران ( منطقة عربية قديماً ) والفاصل الغربي في جرابلس وغربيها ( منطقة قديمة كانت لها صلة تاريخية مع الجنوب ) إضافة إلى ذلك هناك تجمعات كوردية في وسط سورية وجبال الساحل ومدينة دمشق وهي قديمة تعود على الأغلب إلى أيام حكم صلاح الدين . أما حديثاً فقد يحدث الهجرة الداخلية بسبب البحث عن مورد الرزق ديموغرافية السكان في سورية والأكراد جزء من المجتمع السوري فتكونت تجمعات سكانية في مدن الرقة وحلب وبلدات ريف دمشق لوجود سوق رابح للعمل في تلك الأماكن . ولم يسجل أي تغيير ديموغرافي قسري في سورية سوى عملية توطين المغمورين من حوض الفرات في محافظة الحسكة وبعض العائلات القليلة التي استفادت من تطبيق قانون الإصلاح الزراعي في محافظة الحسكة حيث ثم توزيع الأراضي على عائلات من الساحل السوري . ولو ترجع إلى التاريخ نجد أن التوزع الكوردي في سورية تغير غير الزمن ففي حقب سابقة استوطن الأكراد على ضفاف الفرات وحدثت هجرات قسرية أيام العثمانيين عندما حاربوا اليزيديين وتغزوا مذابح جماعية بحقهم في سنجار والجزيرة السورية ولفترة من الزمن حكموا مدينة حلب ولكن اليوم ومن الحكمة أن نأخذ في سورية بالواقع الراهن ومن أجل حل مسألة الحدود القومية مع مراعاة وضع التجمعات الكوردية في الداخل السوري دون إهمال أي تجمع .
في تركيا : هناك أكبر تعداد للسكان الكورد وتدخلات وجيوب في الحدود ومن المناطق الكوردية والتركية وزيادة على ذلك هناك هجرة سكانية غير عادية من الشرق الفقير باتجاه الغرب الغني وتجمعات سكان كوردية ضخمة في المدن الكبيرة التركية والمشكلة في تفاقم يوماً بعد يوم . ولكن رغم محاولات الحكم التركي الشوفيني في ممارسة سياسات صهر الأكراد في بوتقة الأمة التركية وإخماد الجروح القومية لدى الكورد لكن ثورة الاتصالات ووسائل الإعلام حدث من نجاح تلك السياسة وهناك حركة قومية كوردية نشطة النموذج السوداني للحل :
بعد انفصال جنوب السودان ثم ترحيل المهاجرين الجنوبيين من الشمال خلال فترة ما بعد الانفصال ولقي الجنوبيين ظلماً من ذلك الترحيل ولذلك رفض البعض الانطباع وفضلوا البقاء في الشمال أما الحدود التي رسمت خلال عملية التفاوض بشأن الانفصال فلم تحقق العدالة للطرفين ولذلك ظهرت الخلافات بعد قيام دولة الجنوب وأدت في أحيان عديدة إلى نشوب نزاع مسلح على الحدود والأزمة مستمرة حتى الآن .
ولذلك يجب أن نأخذ العبر من تجارب الآخرين في كفاحنا من أجل تحقيق تطلعات القومية ...
رئيس التحرير