
بالروح بالدم من جديد/ حكمت حسين
نادرا ما يبتسم لاعتقاده ان الوجه المتجهم يضيف عليه وقورا أكثرا ويخيف معارضيه ، ولكنه ابتسم اليوم عندما كان عدد من المنتفعين والغوغاء الذين كانوا يصرخون سابقاً للدكتاتور المقبور " بالروح بالدم نفديك يا ...." ، يصرخون بها له ، نعم انها له ، كان يسمعها منتشياً وهو يستلم " درع الوفاء " من نقابة المعلمين هذا اليوم ، في حفل استعراضي بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد .
تحتفل الحكومات عندما تحقق انجازاً ملموساً لابناء الشعب ، لكن في العراق تحتفل الحكومة رغم عدم وجود انجاز واضح ، واحيانا حتى في وجود تقصير واضح ، واحتفال اليوم في المسرح الوطني الذي اقامته نقابة المعلمين ، فقط لأن العام الدراسي ابتدأ ، وليس لأن جميع البنايات المدرسية المطلوبة قد اكتمل بنائها ( صرح وزير التربية أمس ان هناك حاجة الى سبعة آلاف مدرسة ) ، وليس لأن البنايات المدرسية القديمة قد اعيد ترميمها ، وليس لأن مستوى التعليم ارتفع ليصل الى مستوى جيد ، وليس لأن العملية التربوية احتضنت كل الأطفال في سن الدراسة في المدارس وانتهى تواجدهم في اماكن العمل وحتى في الشوارع ، وليس لأنه لم يعد وجود لمدارس الطين في القرى والأرياف العراقية ، وليس لأن التعليم الالكتروني صار معتمدا ، وليس لأن الانترنت توفرت في جميع المدارس ، وليس لأن فئة المعلمين تعيش في ظروف عمل جيدة تتوفر مستلزمات التعليم المطلوبة ، وليس لأن فئة المعلمين تعيش ظروف حياتية جيدة من سكن وخدمات ..... وغير ذلك كثير .
نظمت النقابة احتفالا لتستضيف رئيس الوزراء ، ليعيد عليهم ما يردده كل يوم حول الأمن والاجندات الخارجية ، وكذلك هو احتفال استباقي لحملة انتخابات البرلمان القادمة ، ومحاولة لتجميل وجه الحكومة الفاشلة في كل مجالات عملها بعد كل هذه السنوات . ومن اجل التملق لرئيس الوزراء منحوه " درع الوفاء " وهو تقبله مبتسما مع هتافات " بالروح بالدم نفديك " وموجة من الهلاهل .
عن اي وفاء يانقابة المعلمين ؟ هل لازلتم تتذكرون جملة " وفاء القائد " من تلك الأيام وتعملون بنفس روحيتها ؟
في حوارات مع بعض من يعتقد ان رئيس الوزراء حقق انجازا يذكرون ارتفاع الراتب ، وكأنما هو من حقق ذلك ، ويتناسون عن عمد ، وربما عن غير عمد في حالات قليلة ، ان ذلك ليس من انجازاته ، بل بريمر الحاكم الأوحد بعد 2003 ، وفي الغالب ينتمي من لهم هذا الرأي الى فئة المعلمين وبالأخص في مناطق جنوب العراق التي يكون الوضع الأمني غالبا مستقر ، وفي احدى الحوارات استغرب احدهم كيف يؤثر التلاقح الثقافي الاوربي فينا ، بينما هم عاشوا الحصار وتحملوا عذاباته . نعم لقد ارتفع راتب المعلم من 3000 دينار الى أكثر من 500 ألف دينار في حده الأدنى ، وتمكنت العوائل من شراء سيارات موديل (ألفين وهسه) ، لكنهم يتناسوا كل مجالات فشل الحكومة .
شعرت بالحزن على نقابة المعلمين التي لم يكن في تاريخها قبل حكم البعث والدكتاتور مثل هذه الفعاليات غير المهنية ، وشعرت بالحزن على العراق وشعبه الذي يقوده رئيس وزراء يبتسم لهتافات " بالروح بالدم " ، انه يحاول ان يقلد الدكتاتور المقبور سواء بطريقة التفكير أو في الاداء ، ولكنه يفشل في ذلك دوما ، ويريد الآن ان يطلقوا جملة " حفظه الله ورعاه " ولكن الوقت المتبقي لحكومته لن يكفي ، ومن المفروض ان الشعب سيعرف من ينتخب في المرة القادمة ، وان فئة المعلمين ستختار أيضاً معلمين ذو وعي مهني لادارة نقابتهم .
ألم تخجل من ضحايا الدكتاتورية وانت تبتسم عند سماع الهتاف ؟؟؟؟؟