شناشيل / خيار "الزعاطيط" ! / عدنان حسين
لا أظن ان الطريق إلى الحل لأزمة مجلس النواب كانت مغلقة تماماً بكتل من الخرسانة المسلحة، كما هي الطرق المؤدية الى المنطقة الخضراء، ولم يكن في الوسع السير عليها إلى النهاية، حيث التسوية المتوافق عليها بالإجماع أو بالأغلبية الساحقة.
كانت أمام الطرفين المتخاصمين أو المختلفين أو المتصارعين في المجلس أمس ثلاثة خيارات لوضع نهاية سعيدة للفيلم المعروض علينا منذ بضعة أسابيع، أفضل من النهاية المضحكة المبكية التي عُرِضت علينا بالبثّ الحي والمباشر:
- الخيار الأول أن لا يتجه رئيس المجلس (الحالي أو السابق، بحسب زاوية النظر) سليم الجبوري ونائباه إلى دكّة الرئاسة، بل يأخذون أماكنهم بين أعضاء المجلس، مثلما كانوا قبل انتخابهم للرئاسة، حتى إذا استقر الأعضاء جميعاً، المع والضدّ، في مقاعدهم وقف الجبوري في مكانه ليُعلن أن هيئة الرئاسة تعتذر عن مواصلة التكليف الذي حظيت به من المجلس منذ نحو سنتين، فتردّ الأمانة إلى أصحابها، اعضاء المجلس، ليتصرفوا بها. هذا كان سيترتب عليه انعقاد الجلسة برئاسة أكبر الأعضاء سناً، ومن ثمّ إجراء انتخاب لهيئة رئاسة جديدة.
- الخيار الثاني أن يتقدم النواب المعتصمون، بعدما وجدوا أن عديدهم لا يصل إلى 50 بالمئة، باقتراح لسحب الثقة من هيئة الرئاسة المحاصصاتية، كلاً أو فرداً فرداً، ليُصار بعد ذلك إلى انتخاب هيئة جديدة غير محاصصاتية. هذا إذا كان المعتصمون هم حقاً وفعلاً ضد نظام المحاصصة، وانهم حقاً وفعلاً وبأجمعهم قد فعلوا ما فعلوا لإلغاء هذا النظام الذي بفضله صار معظمهم أعضاء في المجلس وحصل على مدى سنوات على امتيازات مالية وسياسية وإدارية لم يكن يحلم حتى بعُشرها.
- أما الخيار الثالث، وهو فنطازي بعض الشيء، فهو أن يشكّل كلّ من الطرفين فريقاً لكرة القدم أو الطائرة أو السلة أو للجري أو الركض، ويتباريان في ما بينهما، والفائز يتولّى رئاسة البرلمان.
هذه الخيارات كان بوسعها أن تحلّ المشكلة بين الطرفين المتخاصمين اللذين لا يفرقان كثيراً عن بعضهما بالنسبة لنا، فعلى مدى السنتين الماضيتين كانا يبديان كفريق واحد، ولم يظهر لنا منهم ما يؤشر اختلافاً لصالح الشعب، وهذا ما جعل حركة الاحتجاج الشعبي ترفع منذ 31 تموز من العام الماضي شعار "كلهم حرامية"، والمقصود بالطبع الأغلبية منهم، بمن فيهم العديد من النواب المعتصمين الذين كان بعض متصدّري حركتهم من كبار الفاسدين والمفسدين.
الخيارات الثلاثة أعلاه، بما فيها الأخير، كانت في الأقل ستُظهرنا أمام العالم في مظهر حضاري يليق يسمعة العراق التاريخية، بخلاف المظهر "الزعطوطي" الذي شهدناه داخل مجلس النواب أمس.