بين وحدة العراق والمصير الاسود المشترك / عزيز العراقي

بعيدا عن ما هو معروف للجميع ب "الحق الشرعي للشعوب في تقرير مصيرها " , وبالذات الشعب الكوردي الذي تمظهرت قضيته في العقود الثلاثة الاخيرة اكثر من اي وقت مضى , وبغض النظر عن ما تداولته بعض التسريبات عن اجتماع حزب الدعوة برئاسة المالكي لمناقشة وضعية تقسيم العراق الذي بات ضرورة لسلامة مكوناته كما اشار التسريب . فليس غريبا ان تتصدر دعوة ( تقسيم العراق ) اجندة الحزبين الديمقراطي الكوردستاني برئاسة رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني وحزب الدعوة برئاسة رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي لوجود المشتركات الرئيسية لكلا الحزبين , والتي رافقت انفراد الديمقراطي الكوردستاني في ادارة شؤون اقليم كوردستان وانفراد الدعوة في ادارة شؤون العراق .

 

ان اول هذه المشتركات واهمها , او كما كان يرددها اعلام صدام ( ام ) هذه المشتركات , هو الفشل الذريع في ادارة كوردستان بالنسبة للديمقراطي والعراق بالنسبة للدعوة , ليس على المستوى السياسي في ادارة تنظيم توجهات الاحزاب التي شاركتهما السلطة فقط , بل على جميع المستويات وبالذات احترام حقوق الانسان وتوفير العيش الكريم والسكن اللائق وباقي الخدمات للعراقيين , ولا ضرورة لتكرار وفرة مداخيل العراق ومقارنتها بباقي الدول .

 

من جهة اخرى , استئثار القيادتين المتمثلتين بالسيد البارزاني وعائلته وحزبه , والسيد المالكي وعائلته وحزبه بواردات الاقليم للاول والعراق للثاني . والذي زاد في حجم تشابك المصلحة بين الحزبين توجههما المشترك ليس في الاستئثار بنهب المال العام فقط , بل في اشاعة الفساد واللصوصية وشراء الذمم . وبات معروفا ليس للطبقة السياسية فقط , وانما للجميع سواء في الاقليم ام في باقي المحافظات العراقية بمسؤوليتهما المشتركة عن الانحدار الذي اوصل العراق لهذا القاع الخطير .

 

ومما لا شك فيه ان الخوف حاليا لدى الاثنين هو بعد الانتهاء من " داعش " , ولا تزال الاحتجاجات الشعبية التي اخذت توجهات اكثر جذرية في بغداد وباقي المحافظات , تطالب بالتغيير ومحاسبة الفاسدين واللصوص ومن تسببوا به الى المحاكم وفي الاقليم اصبحت الاتفاقية التي عقدت بين التغيير والاتحاد الوطني هي المنظم الاكثر تأثيرا للنهوض بالاصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين حسب ما تم الاعلان عنه , وردود الافعال المؤيدة لها سواء ايمانا ببرنامجها السياسي ام نكاية بالديمقراطي .

 

المشكلة الاصعب بالنسبة للحزبين اللذين يدفعان باتجاه التقسيم والانفصال , ليس على اسس انفصال انكلترا عن الاتحاد الاوربي , بل على اسس التهديد والقوة . والطرفان يدركان جيدا ان اولى خطوات الاصلاح هي محاسبة الفاسدين واللصوص ومن اشاع الفساد واللصوصية , فلا غرابة ان يطالب الحزبان بضرورة تقسيم العراق , لكي ينشغل العراقيون بانهار جديدة من الدماء , وستكون الانهار القديمة مجرد روافد لها , وهو الطريق الوحيد الذي ينسي العراقيين جرائمهم , وينقذهم كما يعتقدون .