شناشيل / وما أدراكٓ ما مطار السليمانية! / عدنان حسين
لموظف الاستعلامات وعامل النظافة وعامل المطبخ، وهم كل ما تبقى من مستخدمي الفندق الذي نزلنا فيه، صحبي الستة وأنا، كنا مثل هدية ثمينة هبطت فجأة من السماء.. أما مالك الفندق فكانت سعادته بنا أكبر، فهذا الفندق الذي كان في السابق يضجّ بالحياة كل أيام الاسبوع، لا يأتيه الزبائن الان الا أفراداً في البعض من ايام الاسبوع، وفي أسابيع أخرى لا يأتيه أي زبون.
الفندق هذا في السليمانية ، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان والعاصمة الثقافية والسياحية له كما يباهي أهلها، وهي أيضاً بوابة تجارية رئيسة للاقليم والعراق مفتوحة على أكبر الجيران، وأهمهم الآن، إيران.
هذا الفندق هو بالتأكيد أوفر حظاً من غيره، فثمة العديد من الفنادق قد أغلق أبوابه لأن عائداته لم تعد تسدّ تكاليف الوقود لتوليد الكهرباء، كما يقال هنا.
الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها الاقليم والدولة العراقية برمتها ليست السبب الوحيد لهذا الانهيار في حياة الفنادق في السليمانية بالذات.. الإجراءات الأمنية المبالغ فيها للغاية سبب رئيس أيضاً في الاحجام عن اختيار السليمانية وجهة سياحية للعراقيين من سائر المحافظات.. بل ان هذه الاجراءات تنطوي على إهانة سافرة في حق القادمين من خارج السليمانية واستهانة بحقوقهم كمواطنين عراقيين أقل ما يستحقونه وهم يقصدون هذه المدينة للسياحة أو العمل أن يُعاملوا بوصفهم كاملي المواطنة وليسوا رعايا من الدرجة الثالثة أو الرابعة.
بين نحو مئة مدينة زرتها، في مهمات صحافية أو للسياحة، كانت مطارات الخرطوم ودمشق وطرابلس ، فضلاً عن مطار بغداد الى وقت قريب، هي الأسوأ في خدماتها، لكن مطار السليمانية يسجّل لنفسه الآن "فخر" التقدّم على تلك المطارات في السوء.. في هذا المطار ثمة تجاوز كبير على عراقية العراقي القادم من محافظة أخرى .. إنه يُعامل كما يُعامل المشبوهون، فهنا يجري التدقيق في معلوماته الشخصية مرتين، في المرة الاولى بعد النزول مباشرة من الطائرة حيث تُراجع معلومات هويته الشخصية او جواز سفره عبر الكومبيوتر وتؤخذ طبعات أصابعه ضوئياً حتى لو كان كانت زيارته الى السليمانية هي الرقم عشرين أو ثلاثين. هذه المرحلة تستغرق في العادة ما يصل الى 20 دقيقة او نحو ذلك، ثم هناك المرحلة الثانية من التدقيق الأمني، وهي الأطول والأشقّ والأكثر استهانة بالمواطن العراقي وحقوقه. هنا يُمكن أن يمتدّ أمد الانتظار حتى يحين دور التحقيق والتدقيق مع الزائر ساعة ونصف الساعة، فهنا لا يوجد سوى موظفين إثنين يقومان بالعمل ذاته هو سؤال كل زائر عن المعلومات الشخصية الموجودة أصلاً في هويتة الاحوال المدنية أو جواز السفر ، فضلاً عن اسم جد الأب(!) ورقم التلفون وعنوان السكن في السليمانية.، قبل أن يُزوّد بفيزا الدخول ... الى الجنة!
السليمانية تتصرف على هذا الصعيد كما لو أنها دولة منفصلة عن الاقليم وعن العراق، فزائر اربيل ، وهي عاصمة الاقليم كله، لا يتعرّض لمثل هذا الاذلال.. يكفي أن تنزل مرة في مطار اربيل لتُدوّن معلوماتك وتُحفظ في النظام الالكتروني، ولا يحصل في المرات اللاحقة سوى وضع جواز السفر أو هوية الاحوال في النظام الالكتروني لثوان معدودات فحسب كيما يتبين موقفك الأمني.
استمرار جهاز الاسايش في السليمانية بهذا النهج يلحق الضرر الكبير بمصالح أصحاب المصالح في المحافظة ويثير نقمة زوار السليمانية على إدارة الإقليم.
أختم بالتحريض على عدم زيارة السليمانية حتى تعمل "حكومة" الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية على تدارك الأمر.