نحن و الكويت!! / شاكر الجبوري
عاد التوتر الى العلاقات العراقية الكويتية من نفس الباب المتمثل في صراع الارض و المياه وكأن البعض لم يستفق من العصف الذهني و العسكري و الانساني الذي ندفع ثمنه الباهظ بمختلف العناوين، فهذا البعض يكره معنى الاستقرار و لا يمتلك ثقافة الوعي بالمتغيرات، بل يعيش في دوامة الزعامة على مستقبل الأجيال متجاهلا عن سوء قصد أن حلم الامبراطوريات الخاوية على عروشها لم يكن درسا تاريخيا.
العراق دولة بكل القياسات لذلك فان عدم استقراره هدم مرتكزات الأمن القومي العربي، و العراق يكبو لكنه لن يموت تلك سنة الله على الارض، صحيح أنه يتحول الى ساحة صراع اقليمي و دولي لكنه يظل الرقم الأصعب بالمنطقة و تلك ثوابت المنطق قبل الجغرافيا السكانية و الموارد و الموقع و النفوذ، لذلك يخطأ من ينظر الى العراق بعين صغيرة، وليس مشكلة العراقيين أن بعض اشقائهم يعانون من زهايمر سياسي و ضغط دم غير مستقر بسبب النظر الى أعلى بشكل متواصل اصابهم بدوار رأس مزمن ففقدوا القدرة على القراءة الصحيحة.
ويبدو أن الجميع لم يستوعب الدرس جيدا و يصرون على تنفيذ مصالح الاجنبي عن طيب خاطر و يرفعون عصا مكسورة بوجه الشقيق، فلا منظومة الحكم العراقية كانت واضحة في اعادة ترتيب العلاقات مع الكويت على أسس وطنية خالية من احتياجات ايام المعارضة السابقة، ولا الاشفاء في الكويت نزعوا الغل من النفوس، الجميع ارتكبوا حماقة سوء التقدير بسياسة الدوران حول الذات بلا بوصلة وطن و شعب، ليستمر الدخان النفسي تحت رماد الهيمنة على الورق المثقوب.
العراق لن يكون ضاحية كويتية و الكويت ستبقى جارة شقيقة لها ما عليها من واجب احترام الشقيق الكبير وعدم التحرش بكبرياء آهله، و من مسؤولية العراقيين تنفيذ رسائل التطمين و انهاء الصيد في المياه العكرة بشرط عدم اعتبار ذلك عنوان ضعف أو استكانة تصل حد منع الصيادين العراقيين من الابحار في خليجهم العربي، بينما تجوبه كل السفن و الزوارق باعلامها المختلفة التي غالبا ما تكون أعلى من الراية الكويتية، الاقرار بالواقع ليس مثلبة بل شجاعة و رجاحة عقل، لذلك لا يجوز صب الزيت على كل نار ملتهبة في العراق من باب الانتقام أو الالتفاف على الحقيقة، فالذاكرة العراقية و العربية تحفظ لاشقاءنا في الكويت قصائد التبجيل و الغزل الاعلامي المفتوح للبوابة الشرقية، قبل أن يعودوا للدعاء على العراق بأن يكون حجرا على حجر أو رماد في صحراء .
أطمأنوا ايها الاحبة سيبقى العراق كبيرا ولن تنهزم ارادة شعبه بعزة النفس و منع التطاول على أرضه و مياهه و ثرواته و أن ما تم نهبه تحت حراب البريطانيين و الأمريكيين لن يكون يكون لقمة هانئه حتى لو أوصلتها ايادي عراقية غير مؤتمنة على الوطن و آهله..و أن استهداف العلماء و التفنن بجمع الحصى لاثارة المشاكل في جنوب العراق لن تنحني له هامات النخيل العراقية حتى لو تم احراق الالاف منها بنيران الحقد النفسي و الزعامة المفقودة.. البصرة كانت و ستبقى عنوان الاخاء العراقي و لن تكون غير ذلك فالثآثر من تاريخها و عراقة انتمائها بناء على جرف هار.. نصيحة من عراقي يحب الكويت و طيبة آهلها أن يكف المغامرون عن فكرة التمدد على العراق و أن يفيقوا من كابوس النفوذ الورقي.. لأن ما يجمعنا أكثر مرات عديدة مما يفرق آخوتنا فلا تحولوا " خور عبدالله" الى بركان فتنة في توقيت خاطيء لأن العراقيين نزعوا ثوب الطائفية وأفشلوا مخطط داعش و توحدوا، فارحموا الكويت قبل العراق من توفير وقود المغامرات الدولية.
شاكر الجبوري
رئيس تحرير" الفرات اليوم"