الشهيد سمير عينكاوة / محمد علي ارحيمة
وانت يا سمير عينكاوة، يا رفيقي الدافئ كيف اتذكرك،
أيها الرائع والمتفائل دوما. كنا سوية بعد إعادة تشكيل سرية أربيل في نهاية أذار1981، يومها كان فصيلنا قد سمي بفصيل خوشناوتي. كان الشهيد كانبي شوان هو آمر الفصيل، ودكتور سرسور هو المستشار السياسي، وانا كلفت ان أكون إداريا للفصيل. كانت هذه باكورة مسؤولياتي. كم كنت تغيظني ببرودة اعصابك، او حتى أذا شئت باللامبالاة أحيانا. (والله كلشي ما افتهمت من محاضرتك السياسية)، كان ذلك في رزكة. يوم قضينا بعض الوقت في محاضرة(جبلية) وبلا مصادر تذكر..
لم أسئل أي من رفاقي يوما من أي دين انت، وأي دين تتبع وليس هناك من يدفعنا الى ذلك! والان يا سمير كان من المفترض ان نقدم التهاني لبعضنا في الأعياد، في أعياد السيد المسيح مثلا، فانا حتى الان اشعر بالذنب منك ومن رفاقي الاخرين الذين لم نلتفت يوما الى اعيادهم الدينية. لماذا أتذكر ذلك الان؟!
لأني تذكرت أمنيتك التي سمعتني أياها مرة ونحن في استراحة في أحد مساجد القرى (كم جميل ان تكون مع الاهل في أعياد الميلاد وأعياد رأس السنة) وكنت تتذكر اعوامك الماضية مع الاهل..
من يصدق أنك سلمت الروح بتلك العجالة. كنت في عامك الثامن والعشرين وتنتظر الحب الذي تحدثني عنه كثيرا. (سوف يسقط النظام ونرجع الى احبابنا). كان عادل رش (الملازم والشهيد فيما بعد) يغيظك ويقول لك (اييس ما راح اتشوف شي)، وكنت أختلف معه أيضا وادعوه للتفاؤل ثم يتدخل نريمان وتكبر حلقات الجدل. كان ذلك في قرية رزكة، ومناطق باني خيلان والزيبار وكوري وشقلاوة وسفين.
كم درنا وسرنا سوية في جبال واودية مناطق بالك، وكم قاتلنا سوية في كاروخ وفي خوشناوتي وسفين. هل تذكر يا سمير (قادسية عجيل) في نهايات نيسان 1981، رفيقنا وآمر سريتنا الطيب، مام عجيل والرواد الأوائل، يوم نصبنا لقوات الطوارئ القذرة كمينا على طريق شقلاوة أربيل..
لكن قل لي من تندر وأطلق على عمليتنا تلك التسمية المضحكة. كان معنا بشدار وهوشيار ونريمان وسورة إضافة الى كانبي شوان وسرسور.
وكنا سوية في ضرب ربيئة (كوري) بالقاذفات. كان ذلك يوم السادس والعشرين من أيار 1981.
لكن لا يمكنني نسيان قصة حذائك الذي ابتلعه مثلث برمودا!!!. يا لها من ذكرى لا تنسى. كم ضحكنا، وكم من التوبيخ نلت انت من الرفيق ئازاد سرسور الذي كان يرأس المفرزة. يومها تسللنا من كتف جبل سفين الى وسط مدينة شقلاوة. ثم نفذنا عملية الكمين وسط المدينة. بعد ربع ساعة من الاشتباك علا صوتك وصوت ئازاد بالهتاف باسم الحزب الشيوعي. ثم الانسحاب. وانسحبنا. وانسحبت انت أيضا ثم توقفت. ولم تأتي. توقفنا نحن بعد دقائق من الانسحاب السريع ورجع ئازاد وبشدار للبحث عنك، ليعرفوا ماذا جرى لسمير، ولماذا لم يأتي، وهنا صحت غاضبا (فردت حذائي ضاعت بهذي الطينة وهذا الميّ)، باتت جميع محاولاتنا لايجاد حذاءك بالفشل. ورفضت الانسحاب دون فردة الحذاء. عندها علق واحد منا بأن حذائك ابتلعه مثلث بيرمودا.
كان صعب عليك ان تسير وسط البساتين حافياٌ، ولكن للضرورة أحكام. ومن صوت الجدال العالي بدا الجيش الشعبي بالرمي من المنازل المسلطة علينا..
(كان من الممكن ان يجرح واحد من المفرزة بسبب فردة حذاء) هذه اللازمة والملامة التي أتخمنا بها مسامعك يا بطل..
ولكن بعد يومين بدأت انت تسترجع الحدث وتضحك ومن المؤكد أنك سامحتنا وسامحت رفاقك الغلاظ يومها.
يا لمرارة الذكرى وياء لوجعي
صوركم محفورة برأسي تماما. يوم التقيتكم في الطريق على كتف جبل بشتاشان الغربي، كنت أنت ووضاح ومازن، وكان معكم بغل محمل بالتموين. كنت انت قد أرسلت لجلب الارزاق للفصيل المرابط في الوادي بآمرة الرفيق كانبي شوان. وكنت أنا ذاهب أيضا لجلب عتاد للمدفع الوحيد الذي بحوزتنا، انا وملازم كريم. سلمنا على بعضنا سريعا وتبادلنا الاخبار وافترقنا. كانت مواقعنا متباعدة تفصل سلسلة من التلال والجبل بيننا.
وقعتم في كمين الغدر من قبل الاعداء، انت ووضاح وأبو مازن في منطقة (كونه كوتر) المتقدمة على وادي (دول باله يان) حيث المراباة المقامة من قبل أحد فصائل سرية أنصار أربيل تحت امرة الرفيق كانبي شوان الذي جرح هو أيضا. كيف تم الإيقاع بكم في هذا الكمين القاتل وجماعة سيد كاكا (السوسيالست) هم من يسيطرون على القمم العليا من هذا الوادي؟
ألم تكن واحدة من الأخطاء الكبيرة التي من الانصاف الاعتراف بها، كيف نسلم ظهورنا وارواحنا بيد الآخر وتحت رحمته، حتى وان كان صديق.
سأبقى اتذكرك سمير دائما. المجد لك